كان مرتدا ، لم تؤكل ذبيحته عند الجمهور ، خلافا لأبي إسحاق ، وإن ذبح نائبا عن مسلم ، فقولان في المذهب ، ولا خلاف في الجواز إن ذبح لنفسه ، إلا إن ذبح لعيدهم أو كنائسهم ، فهو مكروه ، وأجازه أشهب ، وحرمه الشافعي ، وإذا كانت الذبيحة محرمة عليهم ، فأربعة أقوال : المنع لابن القاسم ، والإباحة لابن عبد الحكم ، والكراهة لأشهب ، والتفرقة بين أن يكون مما علمنا تحريمه عليهم كذى الظّفر ، فلا يجوز ، أو مما انفردوا بتحريمه كالطريفة فيجوز ، وفي شحوم ما ذبحوه ، المنع والجواز وفاقا لهما ، والكراهة ، وإذا غاب الكتابي على الذبيحة ، فإن علمنا أنهم يذكون أكلنا ، وإن علمنا أنهم يستحلون الميتة كنصارى الأندلس ، أو شككنا في ذلك ، لم نأكل ما غابوا عليه» (٣٩). وهذا هو الذي تمشى عليه خليل في مختصره المبين لما به الفتوى ، فقال في باب الذكاة : «قطع مميز يناكح» (٤٠) ، قال الدردير : «أي تنكح أنثاه ولو عبر به كان أولى ، فدخل الكتابي ذكرا أو أنثى ، ولو أمه». وقال الخرشي : «ودخل في قوله يناكح ، أي يحل لنا وطء نسائه في الجملة ، المسلم والكتابي معاهدا أو حربيا ، حرا أو عبدا ، ذكرا أو أنثى ، ولا فرق بين الكتابي الآن ومن تقدم على المشهور ... إلى أن قال خليل في وصف الكتابي : وإن سامريا أو مجوسيا تنصر وذبح لنفسه مستحله ، وإن أكل الميتة إن لم يغب» (٤١) إلخ. فتحصل مما تقدم أن لا خلاف في إباحة أكل ذبائح النصارى على الجملة ، وإن كانت الحرمة ربما تعرض فيها لأسباب خارجة مع الاختلاف في ذلك بين العلماء ، كما قررنا ، والله الموفق.
تنبيه في حكم صيد الكتابي
تنبيه. صيد الكتابي البري محرم الأكل في المذهب المالكي ، قال خليل : «وجرح
__________________
(٣٩) قوانين الأحكام الشرعية ، ومسائل الفروع الفقهية ، محمد بن أحمد بن جزي ، ص ٢٠٠ ، دار العلم للملايين ، بيروت ١٩٧٩.
(٤٠) مختصر خليل ، ص ٩٠ تصحيح وتعليق الشيخ أحمد نصر ، ط ١٩٨١ ، المكتبة المالكية.
(٤١) شرح الدردير على مختصر خليل ، ج ١ ، ص ٢٢٦ ، د ، ت.