وكنّا عقدنا عقدة الوصل بيننا |
|
على نحر قربان لدى قبر شيبة |
مؤكدة بالنّذر أيام عهده |
|
فلمّا تواثقنا اشتددت وحلّت |
ومن فصل الاحتفال (١) : [الطويل]
أزور اعتمارا أرضها بتنسّك |
|
وأقصد حجّا بيتها بتحلّة |
وفي نشأتي الأخرى ظهرت بما علت |
|
له نشأتي الأولى على كلّ فطرة |
ولولا خفاء الرّمز لا ولن ولم |
|
تجدها لشملي مسلكا بتشتّت |
ولو لم يجدّد عهدنا عقد خلّة |
|
قضيت ولم يقض المنى صدق توبة |
بعثت إلى قلبي بشيرا بما رأت |
|
على قدم عيناي منه فكفّت |
فلم يعد أن شام البشارة شام ما |
|
جفا الشّام من نور الصفات الكريمة |
فيالك من نور لو أنّ التفاتة |
|
تعارض منه بالنفوس النّفيسة |
تحدّث أنفاس الصّبا أن طيبها |
|
بما حملته من حراقة حرقة |
وتنبىء آصال الربيع عن الرّبا |
|
وأشجاره إن قد تجلّت فجلّت |
وتخبر أصوات البلابل أنها |
|
تغنّت بترجيعي (٢) على كلّ أيكة |
فهذا جمالي منك في بعد حسرتي |
|
فكيف به إن قرّبتني بخلّة |
تبدّى وما زال الحجاب ولا دنا |
|
وغاب ولم يفقده شاهد حضرتي |
له كلّ غير في تجلّيه مظهر |
|
ولا غير إلّا ما محت كفّ غيرة |
تجلّي دليل واحتجاب تنزه |
|
وإثبات عرفان ومحو تثبّت |
فما شئت من شيء وآليت أنه |
|
هو الشيء لم تحمد فجار أليّتي |
وفي كل خلق منه كلّ عجيبة |
|
وفي كلّ خلق منه كل لطيفة |
وفي كل خاف منه مكمن حكمة |
|
وفي كل باد منه مظهر جلوة |
أراه بقلب (٣) القلب واللّغز كامنا |
|
وفي الزّجر والفال الصحيح الأدلة |
وفي طيّ أوفاق الحساب وسرّ ما |
|
يتمّ من الأعداد فابدأ بستّة |
وفي نفثات السّحر في العقد التي |
|
تطوع (٤) لها كلّ الطّباع الأبيّة |
يصوّر شكلا مثل شكل ويعتلي |
|
عليه بأوهام النفوس الخبيثة |
__________________
(١) القصيدة في نفح الطيب (ج ٧ ص ٣١١ ـ ٣١٣).
(٢) الترجيع : ترديد الصوت ، وأراد هنا الغناء. لسان العرب (رجع).
(٣) في الأصل : «يقلّب» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من النفح.
(٤) في الأصل : «تطوّع» وهكذا ينكسر الوزن.