فلو سمحت لي بالتفات وحلّ من |
|
مهاوي الهوى والهون جدّ تفلّتي |
ولكنها همّت بنا فتذكّرت |
|
قضاء قضاة الحسن قدما فصدّت |
أجلت خيالا إنني لا أجلّه |
|
ولم أنتسب منه لغير تعلّة |
على أنني كلّي وبعضي حقيقة |
|
وباطل أوصافي وحقّ حقيقتي |
وجنسي وفصلي والعوارض كلّها |
|
ونوعي وشخصي والهواء وصورتي (١) |
وجسمي ونفسي والحشا وغرامه |
|
وعقلي وروحانيّتي القدسيّة |
وفي كلّ لفظ عنه ميل لمسمعي |
|
وفي كل معنى منه معنى للوعتي |
ودهري به عيد ليوم عروبة |
|
وأمري أمري والورى تحت قبضتي |
ووقتي شهود في فناء شهدته |
|
ولا وقت لي إلّا مشاهد غيبة |
أراه معي حسّا ووهما وإنه |
|
مناط الثّريّا من مدارك رؤيتي |
وأسمعه من غير نطق كأنه |
|
يلقّن سمعي ما توسوس مهجتي |
ملأت بأنوار المحبّة باطني |
|
كأنّك نور في سرار سريرتي |
وجلّيت بالإجلال أرجاء ظاهري |
|
كأنّك في أفقي كواكب زينة |
فأنت الذي أخفيه عند تستّري |
|
وأنت الذي أبديه في حين شهرتي |
فته أحتمل ، واقطع أصل واعل استفل |
|
ومر أمتثل واملل أمل ، وارم أثبت |
فقلبي إن عاتبته فيك لم أجد |
|
لعتبي فيه الدهر موقع نكنة |
ونفسي تنبو عن سواك نفاسة |
|
فلا تنتمي إلّا إليك بمنّة |
تعلّقت الآمال منك بفوق ما |
|
أرى دونه ما لا ينال بحيلة |
وحامت حواليها وما وافقت حمى |
|
سحائب يأس أمطرت ماء عبرتي |
فلو فاتني منك الرّضى ولحقتني |
|
بعفو بكيت الدهر فوت فضيلة |
ولو كنت في أهل اليمين منعّما |
|
بكيت على ما كان من سبقيّة |
وكم من مقام قمت عنك مسائلا |
|
أرى كلّ حيّ كلّ حيّ وميّت |
أتيت بفاراب أبا نصرها فلم |
|
أجد عنده علما يبرّد غلّتي |
ولم يدر قولي ابن سيناء سائلا |
|
فقل كيف أرجو عنده برء علّتي |
فهل في ابن رشد بعد هذين مرتجى |
|
وفي ابن طفيل لاحتثاث مطيّتي؟ |
لقد ضاع لو لا أن تداركني حمى |
|
من الله سعي بينهم طول مدّتي |
فقيّض لي نهجا إلى الحقّ سالكا |
|
وأيقظني من نوم جهلي وغفلتي |
__________________
(١) يستعمل الشاعر في هذا البيت اصطلاحات علم المنطق.