ومن ذلك ما خاطبني به ، وهي (١) من أول نظمه ، قصيدة مطلعها : [الطويل]
«أما وانصداع النّور في (٢) مطلع الفجر»
وهي طويلة (٣). ومن بدائعه التي عقم عن مثلها قياس قيس ، واشتهرت بالإحسان اشتهار الزّهد بأويس (٤) ، ولم يحل مجاريه ومباريه إلّا بويح وويس ، قوله في إعذار الأمير ولد سلطانه ، المنوّه بمكانه ، وهي من الكلام الذي عنيت الإجادة بتذهيبه وتهذيبه ، وناسب الحسن بين مديحه ونسيبه(٥): [الطويل]
معاذ الهوى أن أصحب القلب ساليا |
|
وأن يشغل اللوّام بالعذل باليا |
دعاني أعط الحبّ فضل مقادتي |
|
ويقضي عليّ الوجد ما كان قاضيا |
ودون الذي رام العواذل صبوة |
|
رمت بي في شعب الغرام المراميا |
وقلب إذا ما البرق أومض موهنا (٦) |
|
قدحت به زندا من الشوق واريا |
خليليّ إني يوم طارقة النّوى |
|
شقيت بمن لو شاء أنعم باليا |
وبالخيف يوم النّفر يا أمّ مالك |
|
تخلّفت (٧) قلبي في حبالك عانيا (٨) |
وذي أشر عذب الثّنايا مخصّر |
|
يسقّي به ماء النعيم الأقاحيا |
أحوم عليه ما دجا الليل ساهرا |
|
وأصبح دون الورد ظمآن صاديا (٩) |
يضيء ظلام الليل ما بين أضلعي |
|
إذا البارق النّجديّ وهنا بدا ليا |
أجيرتنا بالرّمل والرّمل منزل |
|
مضى العيش فيه بالشّبية حاليا |
ولم أر ربعا منه أقضى لبانة |
|
وأشجى حمامات وأحلى مجانيا |
سقت طلّه (١٠) الغرّ الغوادي ونظّمت |
|
من القطر في جيد الغصون لآليا |
__________________
(١) في نفح الطيب (ج ١٠ ص ٥): «وهو».
(٢) في النفح : «من».
(٣) وردت في الكتيبة الكامنة (ص ٢٨٤ ـ ٢٨٨) وأزهار الرياض (ج ٢ ص ١٦٤ ـ ١٦٦) ، وعدد أبياتها ٥٩ بيتا ، ومطلعها :
لك الله من فذّ الجلالة أوحد |
|
تطاوعه الآمال في النّهي والأمر |
(٤) هو أويس القرني أحد أعلام الزهد في العصر الأموي ، قتل في وقعة صفين عام ٢٧ ه. الأعلام (ج ٢ ص ٣٢) ومصادر حاشيته.
(٥) القصيدة في نفح الطيب (ج ١٠ ص ٦) وأزهار الرياض (ج ٢ ص ٥٦).
(٦) الموهن من الليل : نصفه أو بعد ساعة منه. لسان العرب (وهن).
(٧) تخلّفت : تركته خلفي. لسان العرب (خلف).
(٨) العاني : الأسير. لسان العرب (عنا).
(٩) في الأصل : «ضاريا» والتصويب من المصدرين.
(١٠) في الأزهار : «ظلّه».