وسيمها : [الطويل]
محيّاك أم نور الصباح تبسّما |
|
وريّاك أم نور الأقاحي (١) تنسّما |
فمن شمّ من ذا نفحة رقّ شيمة |
|
ومن شام من ذا لمحة راق مبسما؟ |
أجل خلق الإنسان من عجل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لتفهموا أسرار الحكم وتعوا ، وإذا رأيتم رياض الجنّة فارتعوا ، يعني مجالس الذّكر ، ومأنس النظر والفكر ، ومطالع المناظرة ، ومواضع المحاضرة ، فهذه بتلك ، وقد انتظمت الجواهر النبوية في سلك ، ولهان حمى للعطارة وطيس ، بين مسك المداد وكافور القراطيس. فيا أيها المعلم الأوحد ، والعالم الذي لا تنكر أمامته ولا تجحد ، حوّمت على علم الملوك ، ولزمت بحلم طريق الحكم المسلوك ، فلم تعد أمل الحكماء ، ولم تعد إلّا بعمل العلماء ، وقد قال حكيمهم الفاضل ، وعظيمهم الذي لا مناظر له ولا مفاضل : إذا خدمت الأمراء فكن بين استلطاف واستعطاف ، تجن المعارف والعوارف دانية القطاف ، فتعلّمهم وكأنك تتعلّم منهم ، وترويهم وكأنك تروي عنهم ، فأجريت الباب ، وامتريت من العلم اللّباب ، ثم لم تبعد ، فقد فعل النحويون ذلك في يكرم ، ويعد ، ويعزّ ، ولا غرو أن تقرأ على من هو دونك ، وتستجيز الإجازة عن القوم العظام يقصدونك. فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد أمره الله بأن يقرأ على أبيّ بن كعب ، فهل في حيّ الخواطر الذكية من حيّ؟ فقال له ، رضي الله عنه : الله أمرك أن تقرأ عليّ ، والعناية الرّبانية تنادي إليّ إليّ ، وإذا قال لي : من أحبّ مولاي ، واستعار لزينته حلاي :
فما على الحبيب من اعتراض |
|
وللطّبيب تصرّف في المراض (٢) |
قد يرحل المرء لمطلوبه |
|
والسبب المطلوب في الرّاحل (٣) |
عجت متواضعا ، فما أبرمت في معاجك ، ولا ظلمت في السؤال نعجته إلى نعاجك ، فإنه سرّ الله ، لا يحلّ فيه الإفشاء ، وحكمة الله البالغة ، والله يؤتي الحكمة من يشاء ، وإن لبست من التواضع شعارا ، ولبست عن الترفع تنبيها على السّر المكتوم وإشعارا ، فهذه الثريّا من العجائب إذا ارتفعت في أعلى صعودها ، وأسمى راياتها الخافقة وبنودها ، نهاية وجودها الحسّي عدم ، وغاية وصفها الشّبهي أن تشبّه بقدم ، فإذا همّت بالركوع ، وشمّت في المغرب ريح الوقوع ، كان لها من السّمو القدح
__________________
(١) في الأصل : «الأقاح».
(٢) المراض : جمع مرض وهو ذو المرض. محيط المحيط (مرض).
(٣) هذا البيت على البحر السريع.