لمّا رأيت موارد |
|
للموت ليس لها مصادر |
أيقنت أنّي لا محا |
|
لة حيث صار القوم صائر |
إيه بغير تمويه. رجع الحديث الأول إلى ما عليه المعوّل. سألتني ، أيها السيد الذي يجب إسعافه ، أن أرغم أنف القلم حتى يجري رعافه ، وأن أكحّل جفون الأوراق بمداد الأقلام ، وأن أجمع الطّروس والأمدّة (١) ، بين إصباح وإظلام ، وأطرّز بياض السّوسن بخضرة الآس ، وأبرز العلم الأبيض تحت راية بني العباس ، فقلت مبادرا ممتثلا ، وجلت في ميدان الموافقة متمثّلا : [البسيط]
لبّيك لبّيك أضعافا مضاعفة |
|
إنّي أجبت ولكن داعي الكرم |
أتى من المجد أمر لا مردّ له |
|
أمشي على الرأس فيه لا على القدم |
دعاء والله مجاب ؛ ونداء ليس دونه حجاب : [المتقارب]
كتبت ولو أني أستطيع |
|
لإجلال قدرك بين البشر |
قددت البراعة من أنملي |
|
كأنّ (٢) المداد سواد البصر |
نعم أجزت ، سيدي الفقيه الأجل ، الخطيب الأكرم ، العالم العلم ، الأوحد الأكمل ، الحسيب الأحفل الأطول ، أبا الوليد بن الفقيه الأجل ، المعظم الموقر ، المكرم المبارك الأظهر ، المرحوم أبي زكريا يحيى بن سعيد بن قتري الأيادي القرموني ، ونبيه السّادات النجباء المباركين ، أبا القاسم أحمد ، وأبا إسحاق إبراهيم ، وأبا الحسين بتزيا. ونعمت الأغصان والشجرة ، والأقنان والثمرة ، أقرّ الله بهم أعين المجد ، ولا زالوا بدورا في مطالع السّعد ، ولا برحوا في مكارم يجنون نوّارها ، ويجتلون أنوارها ، وتفيض عليهم يد العناية الإلهية ، نهرها الكوثري ونهارها ، جميع ما رويته قراءة وسماعا ، وإجازة ومناولة ، من العلوم على اختلافها ، وتباين أصنافها ، بأي وجه رويته ، وعلى أي وصف تقلّدته ودريته ، وكذلك أجزتهم جميع ما قلته وأقوله ، من مسطور ومرسوم ، ومنثور ومنظوم ، وتصرّفت فيه من منقول ومفهوم ، وقصائدي المسماة بالرّوحانيات ، ومعشّراتي الحبيبات ، وما نظمته من الوتريات ، وشرحي لشعر أبي الطيب المسمى ب «ظهور الإعجاز بين الصدور والأعجاز» ، وكتابي المسمى «شمس البيان في لمس البنان» ، والزهرة الفائحة في الزّهرة اللائحة ، ونفح
__________________
(١) الطروس : جمع طرس وهو الصحيفة. والأمدّة : سدى الغزل والمساك في جانبي الثوب إذا ابتدئ به ، والمراد هنا : الحبر ، مفردها : مداد. لسان العرب (طرس) و (مدد).
(٢) في الأصل : «وكأن» وكذا ينكسر الوزن ، لذا حذفت الواو.