الإحاطة في أخبار غرناطة [ ج ٢ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في الإحاطة في أخبار غرناطة

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

الإحاطة في أخبار غرناطة [ ج ٢ ]

شاعرا ، حسن الخطّ ، يكتب خطوطا على أنواع كلّها جميلة الانطباع ، خطيبا ، فصيح القلم ، زاكي الشّيم ، مؤثرا لأهل العلم والأدب ، برّا بأهل الفضل والحسب ، نفقت بمدته للفضائل أسواق ، وأشرقت بإمداده للفضائل آفاق (١). ومن «عائد الصلة» : كان (٢) ، رحمه الله ، فريد دهره سماحة ، وبشاشة ، ولوذعيّة ، وانطباعا ، رقيق الحاشية ، نافذ العزمة ، مهتزّا للمديح ، طلقا للأمل ، كهفا للغريب ، برمكي المائدة (٣) ، مهلّبي الحلوى (٤) ، ريّان من الأدب ، مضطلعا بالرواية ، مستكثرا من الفائدة. يقوم على المسائل الفقهية ، ويتقدم الناس في باب التّحسين والتّقبيح ، ورفع راية الحديث والتّحديث ، نفّق بضاعة الطلب ، وأحيا معالم الأدب ، وأكرم العلم والعلماء ، ولم تشغله السياسة عن النظر ، ولا عاقه تدبير الملك عن المطالعة والسماع والإفراط (٥) في اقتناء الكتب ، حتى ضاقت قصوره عن خزائنها ، وأثرت أنديته من ذخائرها. قام له الدّهر على رجل (٦) ، وأخدمه صدور البيوتات ، وأعلام الرّياسات ، وخوطب من البلاد النازحة ، وأمّل من (٧) الآفاق النائية.

رحلته ونباهته : رحل (٨) إلى الحجاز الشريف من بلده ، على فتاء سنّه ، أول عام ثلاثة (٩) وثمانين وستمائة ، فحجّ وزار ، وتجوّل في بلاد المشرق ، منتجعا عوالي الرواية في مظانّها ، ومنقّرا عنها عند مسنّي شيوخها ، وقيّد الأناشيد الغريبة ، والأبيات المرقصة ، وأقام بمكة شرّفها الله ، من شهر رمضان إلى انقضاء الموسم ، فأخذ بها عن جماعة يأتي ذكرهم في مشيخته. وانصرف إلى المدينة المشرّفة ، ثم قفل مع الرّكب الشامي إلى دمشق ، ثم كرّ إلى المغرب ، لا يمرّ بمجلس علم أو تعلّم إلّا روى أو روّي. واحتلّ رندة ، حرسها الله ، أواخر عام خمسة وثمانين وستمائة ، وأقام (١٠) بها عينا في قرابته ، وعلما في أهله ، معظّما عندهم (١١) ، إلى أن أوقع السلطان بالوزراء من بني حبيب ، الوقيعة البرمكيّة (١٢). وورد رندة في أثر ذلك ، في شهر جمادى الآخرة من عام ستة وثمانين وستمائة ، فتعرّض إليه ، ومدحه (١٣) ، وهنّأه بقصيدة طويلة

__________________

(١) هنا ينتهي النص في نفح الطيب.

(٢) النص في نفح الطيب (ج ٨ ص ٤٧ ـ ٤٨).

(٣) برمكي المائدة : نسبة إلى البرامكة الذين كانوا مضرب المثل في الكرم والضيافة.

(٤) مهلبي الحلوى : نسبة إلى بني المهلب بن أبي صفرة ، وكانوا مضرب المثل في أكل الحلوى.

(٥) في النفح : «وأفرط».

(٦) قام له الدهر على رجل : كناية عن مطاوعة الدهر له.

(٧) في النفح : «في».

(٨) النص في نفح الطيب (ج ٨ ص ٤٨ ـ ٤٩).

(٩) في الأصل : «ثلاث» ، وهو خطأ نحوي.

(١٠) في النفح : «فأقام».

(١١) في النفح : «لديهم».

(١٢) المراد وقيعة هارون الرشيد بالبرامكة.

(١٣) كلمة «ومدحه» غير واردة في النفح.