وقام فيها خطيب الطّير مرتجلا |
|
والزّهر قد رصّعت منه منابره |
موشيّ ثوب طواه الدّهر آونة |
|
فها هو اليوم للأبصار ناشره |
فالغصن من نشوة يثني معاطفه |
|
والطّير من طرب تشدو مزاهره |
وللكمام انشقاق عن أزاهرها |
|
كما بدت لك من خلّ ضمائره |
لله يومك ما أذكى فضائله |
|
قامت لدين الهوى (١) فيه شعائره |
فكم سريرة فضل فيك قد خبئت |
|
وكم جمال بدا للناس ظاهره |
فافخر بحقّ على الأيام قاطبة |
|
فما لفضلك من ندّ يظاهره (٢) |
فأنت في عصرنا كابن الحكيم إذا |
|
قيست بفخر أولي العليا مفاخره |
يلتاح منه بأفق الملك نور هدى |
|
تضاءل الشمس مهما لاح زاهره |
مجد صميم على عرش السّماك سما |
|
طالت مبانيه واستعلت مظاهره |
وزارة الدّين والعلم الذي رفعت |
|
أعلامه والنّدى الفيّاض زاخره |
وليس هذا ببدع من مكارمه |
|
ساوت أوائله فيه أواخره |
يلقى الأمور بصدر منه منشرح |
|
بحر وآراؤه العظمى جواهره |
راعى أمور الرّعايا معملا نظرا |
|
كمثل علياه معدوما نظائره |
والملك سيّر في تدبيره حكما |
|
تنال ما عجزت عنه عساكره |
سياسة الحكم (٣) لا بطش يكدّرها |
|
فهو المهيب وما تخشى بوادره |
لا يصدر الملك إلّا عن إشارته |
|
فالرّشد لا تتعدّاه مصائره |
تجري الأمور على أقصى إرادته |
|
كأنما دهره فيه يشاوره |
وكم مقام له في كل مكرمة |
|
أنست موارده فيها مصادره |
ففضلها طبّق الآفاق أجمعها |
|
كأنه مثل قد سار سائره |
فليس يجحده إلّا أخو حسد |
|
يرى الصباح فيعشى منه ناظره |
لا ملك أكبر من ملك يدبّره |
|
لا ملك أسعد من ملك يؤازره |
يا عزّ أمر به اشتدّت مضاربه |
|
يا حسن ملك به ازدانت محاضره |
تثني البلاد وأهلوها بما عرفوا |
|
ويشهد الدهر آتيه وعابره (٤) |
بشرى لآمله الموصول مأمله |
|
تعسا لحاسده المقطوع دابره |
فالعلم قد أشرقت نورا مطالعه |
|
والجود قد أسبلت سحّا مواطره |
__________________
(١) في المصدرين : «الهدى».
(٢) في أزهار الرياض : «يناظره».
(٣) في المصدرين : «الحلم».
(٤) في المصدرين : «وغابره» بالغين المعجمة.