ومن شعره قوله يمدح ذا الوزارتين أبا عبد الله بن الحكيم ، وهي من مشاهير أمداحه (١) : [الطويل]
سل الرّيح إن لم تسعد السّفن أنواء |
|
فعند صباها من تلمسان أنباء |
وفي خفقان البرق منها إشارة |
|
إليك بما تنمي إليها (٢) وإيماء |
تمرّ الليالي ليلة بعد ليلة |
|
وللأذن إصغاء وللعين إكلاء (٣) |
وإني لأصبو للصّبا كلّما سرت |
|
وللنّجم مهما كان للنّجم إصباء (٤) |
وأهدي إليها كلّ حين (٥) تحيّة |
|
وفي ردّ إهداء التحية إهداء |
وأستجلب النوم الغرار ومضجعي |
|
قتاد كما شاءت نواها وسلّاء (٦) |
لعلّ خيالا من لدنها يمرّ بي |
|
ففي مرّه بي من جوى الشوق إبراء |
وكيف خلوص الطّيف منها وحولها (٧) |
|
عيون لها في كلّ طالعة راء |
وإني لمشتاق إليها ومنبئ |
|
ببعض اشتياقي لو تمكّن إنباء |
وكم قائل تفنى غراما بحبّها |
|
وقد أخلقت منها ملاء وأملاء (٨) |
لعشرة أعوام عليها تجرّمت |
|
إذا مضى قيظ بها جاء إهراء (٩) |
يطنّب فيها عائثون وخرّب (١٠) |
|
ويرحل عنها قاطنون وأحياء (١١) |
كأنّ رماح الذاهبين (١٢) لملكها |
|
قداح ، وأموال المنازل أبداء (١٣) |
فلا تبغين فيها مناخا لراكب |
|
فقد قلّصت منها ظلال وأفياء |
ومن عجبي (١٤) أن طال سقمي ونزعها |
|
وقسّم إضناء علينا وإطناء (١٥) |
وكم أرجفوا غيظا بها ثم أرجأوا |
|
فيكذب إرجاف ويصدق إرجاء |
__________________
(١) القصيدة في أزهار الرياض (ج ٢ ص ٣٣٦ ـ ٣٤٠) ونفح الطيب (ج ٧ ص ٣٥١ ـ ٣٥٣).
(٢) في أزهار الرياض : «إليك».
(٣) الإكلاء : ترديد البصر. محيط المحيط (كلأ).
(٤) في أزهار الرياض : «إسراء».
(٥) في المصدرين : «كل يوم».
(٦) القتاد والسّلّاء : شوك. لسان العرب (قتد) و (سلأ).
(٧) في المصدرين : «ودونها».
(٨) أخلقت : بليت. الملاء : جمع ملاءة. الأملاء : جمع ملا وهو الأرض الواسعة. لسان العرب (خلق) و (ملأ).
(٩) الإهراء : شدة البرد التي تهرأ الأجسام. لسان العرب (هرأ).
(١٠) في الأصل : «عابثون وحزّب» ، والتصويب من المصدرين.
(١١) في أزهار الرياض : «وتنّاء».
(١٢) في المصدرين : «الناهبين».
(١٣) الأبداء : جمع بدء وهو النصيب من الجزور. محيط المحيط (بدأ).
(١٤) في المصدرين : «ومن عجب».
(١٥) الإطناء : الداء. لسان العرب (طنأ).