جلس إلى الشافعى ، وسمع منه ، وكتب عنه حكايات» (١). وكذلك قوله : «كان قد ثار بصعيد مصر .... ودخل الواح ، وغزا مصر ، وقتل بمصر ...» (٢).
ومما استخدمه مؤرخنا فى تراجمه الاستشهاد ببعض الأشعار المهمة المعبّرة عن الحدث التاريخى ، المعمّقة له ، الدالّة على صدقه. ولعل الأبيات الى أوردها للمرأة الثكلى ، التى ذبح ولداها أمام عينيها على يد «بسر بن أبى أرطاة» (٣) كانت معبرة كأحسن ما يكون التعبير ، ومؤثرة أشد ما يكون التأثير فى وصف الحدث الفظيع ، ونتائجه ، بحيث يصب القارئ جام غضبه وسخطه على صاحب الفعلة الشنعاء ، الذي تجرد من كل معانى الرحمة والإنسانية. واستخدم الشعر ـ أيضا ـ كوثيقة فخار ، تسجل تطوع أحد المترجمين بداره ؛ لتوسيع المسجد الجامع وزيادته (٤) ، وتسجل شهامة أحد الجيران وشجاعته فى مواجهة جرائم بسر ، ودفاعه عن الطفلين الصغيرين ، حتى لقى حتفه (٥).
ووردت بعض الأشعار فى «تاريخ الغرباء» معبرة عن وجهة نظر أحد الشعراء فى عزل «عبد الله بن عبد الملك» والى مصر فى عهد «الوليد» ، وتولية «قرة بن شريك» مكانه (٦). ويضاف ـ إلى ذلك ـ إيراد بيت شعر قاله الشاعر ابن العتاهية ؛ لبيان صلة المترجم له بهذا الشاعر ، بما يتلاءم مع الظروف التى قيل فيها (٧).
ننتقل ـ الآن ـ إلى قضية «الترابط والترتيب الداخلى ، والتناسق بين عناصر الترجمة» والحقيقة أن هذا الموضوع عسير مطلبه ؛ نظرا لفقدنا كتابى ابن يونس ، واعتمادنا على بقايا بعض تراجمهما الواردة فى المصادر المتأخرة. وهذه ـ غالبا ـ تخضع لمقتبسات أصحاب هذه المصادر ، وهؤلاء يقدمون ويؤخرون فى النصوص ، ويتمون ويحذفون.
ومن الصعب جدا أن نجد ترجمة كاملة منقولة بتمامها كما وردت لدى ابن يونس ، حتى نؤسس ـ بناء على ما ورد فيها ـ دراسة هذه القضية ، بل إننا نحتاج إلى تراجم كثيرة تسير على هذا المنوال ؛ حتى نطمئن إلى أن ذلك منهج مؤرخنا بالفعل. وعلى أيّة حال ،
__________________
(١) تاريخ المصريين : (ترجمة ٣٣٠).
(٢) المصدر السابق : ترجمة (٤٣٦).
(٣) السابق : ترجمة ١٧٤ (ص ٦٤ ـ ٦٥).
(٤) السابق : ترجمة (١٠٩٦) ، ص ٣٢٨.
(٥) السابق : ١٧٤ (ص ٧٩).
(٦) ترجمة رقم (٤٦١) ، ص ٥٤٤.
(٧) تاريخ الغرباء : ترجمة (٦٥٩).