فأنهض تاج الدّولة بوري العسكر إليه حينما سمع به ، فأسره ، ووصلوا به إلى دمشق ، لستّ خلون من شعبان سنة خمس وعشرين (١) ؛ وأنزله في دار بقلعة دمشق ، وأكرمه وأضافه ، وحمل إليه من الملبوس والمفروش ما يليق به ، واعتقله اعتقال كرامة. وكاتب المسترشد في أمره ، فردّ عليه الجواب بالاحتياط عليه إلى أن يصل من يحمله إلى بغداد.
فلمّا عرف أتابك زنكي ذلك ، أنفذ رسوله إلى تاج الملوك يطلب تسليم دبيس إليه ، وأن يطلق له الخمسين ألف دينار المقرّرة عن ولده سونج وبقيّة العسكر ، فأجاب إلى ذلك ، وتقرّر الشّرط عليه.
ووصل أتابك زنكي إلى قريب قارا بسونج والمعتقلين ؛ وتوجّه أصحاب تاج الملوك بدبيس فتسلّمه زنكي ، وحمله في محفّة مقيّدا ؛ وسلّم سونج بن تاج الملوك وجماعته إلى أصحابه.
وكان يظنّ دبيس أنّ أتابك زنكي يهلكه ، فلمّا وصل إلى حلب أطلقه وأكرمه ، وأنزله بحلب في دار لاجين ، وأعطاه مائة ألف دينار ، وخلع عليه خلعا فاخرة (٢).
وكان عرض لدبيس في طريقه وهو مكبّل بالحديد شاعر امتدحه بأبيات ، ولم يكن معه ما يجيزه ، فكتب له في رقعة هذين البيتين ، ودفعهما
__________________
(١) مرى بن ربيعة ، وحسان بن مكتوم. انظر بغية الطلب ص ٣٤٨١ ـ ٣٤٨٢. تاريخ ابن القلانسي ص ٣٦٦.
(٢) انظر بغية الطلب ص ٣٤٨٢.