وأبقى «سرخك» في حارم على ما كان عليه. وحكم «شاذبخت» في عزاز وقلعتها ـ وهو وكيل عن ابنة نور الدّين التي أطلقها الملك النّاصر لها ـ وصالح الفرنج.
وجرى في الاحسان إلى أهل حلب ، على قاعدة عمّه وابن عمه وأخيه ، ولما بلغ الملك النّاصر حديث حلب وأخذ عماد الدّين إياها ، قال : «أخذنا والله حلب» ، فقيل له : «كيف قلت في عزّ الدّين لما أخذها : خرجت حلب عن أيدينا ، وقلت : حين أخذها عماد الدّين : أخذنا حلب؟» فقال : «لأنّ عزّ الدّين ملك صاحب رجال ومال ، وعماد الدّين ، لا مال ولا رجال»!
وخرج «الملك النّاصر» ، من مصر في خامس المحرّم من هذه السّنة ، وخرج الناس يودّعونه ، ويسيرون معه ويتأسّفون على فراقه ، وكان معه معلّم لبعض أولاده فالتفت إلى بعض الحاضرين ، وأنشد :
تمتّع من شميم عرار «نجد» |
|
فما بعد العشيّة من عرار |
فانقبض السّلطان ، وتطيّر ، فقدّر أنّه لم يعد إلى مصر ، إلى أن مات ، مع طول مدّته ، واتّساع ملكه في غيرها.
وسار على «أيلة» وأغار على بلاد الفرنج في طريقه ، ووصل دمشق في صفر ، ثم خرج منها إلى ناحية «الغور» ، فأغار على ناحية «طبريّة» و «بيسان» ، وعاد إلى دمشق ، ثم خرج إلى «بيروت» ، ونازلها ، واجتمع الفرنج فرحّلوه عنها. فدخل إلى دمشق ، وبلغه أنّ المواصلة كاتبوا الفرنج