في قلعة حلب لم يخرج منها بعد ، فقال له عماد الدّين : فما فات ، فاستهزأ به (١).
وأنفذ عسكر حلب وأهلها ، إلى السلطان الملك النّاصر : عزّ الدّين جورديك ، وزين الدّين بلك ، فاستحلفوه للعسكر ولأهل البلد ، في سابع عشر صفر ، من سنة تسع وسبعين وخمسمائة.
وخرجت العساكر ومقدّمو حلب إليه إلى «الميدان الأخضر» (٢) وخلع عليهم ، وطيّب قلوبهم.
ولما استقرّ أمر الصّلح ، حضر الملك النّاصر صلاح الدّين عند أخيه تاج الملوك ، «بالخناقية» يعوده وقال له : «هذه حلب ، قد أخذناها ، وهي لك» فقال : «لو كان وأنا حيّ ، وو الله ، لقد أخذتها غالية حيث تفقد مثلي». فبكى الملك النّاصر والحاضرون.
وأقام «عماد الدّين» بالقلعة ، يقضي أشغاله ، وينقل أقمشته ، وخزائنه ، والسلطان الملك النّاصر مقيم «بالميدان الأخضر» ، إلى يوم
__________________
(١) عبارة بغية الطلب ص ٣٨٦٠ أقوم وأوضح قوله : «ووبخه على ذلك ، فقال وهو بالقلعة : لم نخرج منها بعد ، فما فات شيء ، فاستهزأ به».
(٢) خارج أسوار المدينة. الأعلاق الخطيرة ـ قسم حلب ـ ج ١ ص ٦٦ ، ٣٩٦.