كنّا ثلاثة ، وتمنّى «مجد الدّين» حارم ، وأخذها ، وتمنّى علم الدّين «عمّ» وأخذها. وقد بقيت أمنيتي. فقدّر الله تعالى : أن فتح أسد الدّين مصر ، ثمّ آل الأمر إلى أن ملكها صلاح الدين. وهذا من أغرب الاتفاقات.
وزوّج السّلطان الملك النّاصر ولده «الملك الظّاهر» ، في هذه السّنة ، بابنة أخيه «غازية خاتون» بنت «الملك العادل». ودخل بها يوم الأربعاء سادس وعشرين من شهر رمضان.
ثم إنّ السّلطان عزم على قصد «الكرك» مرّة أخرى فبرز من دمشق ، في النّصف من محرّم سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة ، وسيّر إلى حلب يستدعي عسكرها ، فاعتاق عليه ، لاشتغاله بالفرنج بأرض «أنطاكية» ، وبلاد «ابن لاون» ، وذلك أنه كان قد مات ، وأوصى لابن أخيه بالملك.
وكان الملك المظفّر تقيّ الدّين بحماة ، فسيّر إليه السّلطان ، وأمره بالدّخول إلى بلاد العدوّ ، فوصل إلى حلب في سابع عشري محرّم ، ونزل في دار «عفيف الدّين بن زريق» (١) ، وأقام بها إلى ثالث صفر ، وانتقل إلى داري الآن ، وكانت إذ ذاك في ملك الأمير طمان ، ثم خرج إلى «حارم» ، وأقام بها إلى أن صالحهم ، في العشر الأواخر من شهر ربيع الأوّل ، ثم سار حتى لحق السّلطان ، وأما السّلطان فانه سار إلى رأس الماء (٢) ، واجتمعت اليه العساكر
__________________
(١) تحولت إلى مدرسة عرفت بالمدرسة الصلاحية في محلة سويقة علي. الآثار الاسلامية ص ٢٢٨.
(٢) سلف أن ذكرت أن رأس الماء يعرف الآن باسم نبع السريا ومنه تشرب بلدة الشيخ مسكين في حوران.