ماردين ، لاستنقاذ حرّان والرّها ، من يد «الملك العادل» ، في شهر ربيع الآخر من هذه السنة ؛ ونزل بدنيسر.
ونزل «الملك العادل» بحرّان ، واستنجد بعساكر «الملك الظّاهر» و «الملك الأفضل» ، فسيّر الملك الظّاهر عسكره ومقدّمة الملك المنصور بن تقيّ الدّين ، ونزل الملك العادل على سروج فافتتحها. ومرض عزّ الدّين ، وعاد إلى الموصل عن غير لقاء.
ثم نزل الملك العادل على الرّقة ، فأخذها ، وأعطاها ابن أخيه «الملك الظافر». وسار بالعساكر إلى نصيبين ، وأقطع الخابور وبلد القنا ، ثم اصطلحوا في شهر رمضان.
وكان الياروقية ومقدّمهم «دلدرم» صاحب «تلّ باشر» ، قد تكبّروا وتحامقوا على الملك الظّاهر ، وقصّروا في خدمته ، في حياة أبيه. وكانوا يعظّمون «بدر الدين دلدرم» ، ويركبون كلّهم في خدمته حتى كأنه السلطان ، وكان بأيديهم من الأقطاع خير ضياع «جبل السّماق» ، وغيرها ؛ وملك الملك الظاهر حلب ، فسلكوا معه من الحماقة ، ما كانوا يسلكون من قبل ، فاعتقل مقدّمهم «دلدرم» في قلعة حلب ، وقيّده ، وأخرج الباقين عن حلب ، وقبض أقطاعهم ، وطلب من «دلدرم» تسليم «تلّ باشر» فامتنع ، وذلك في سنة تسعين وخمسمائة.
واتّفق أن وقع خلف بين الأفضل والملك العزيز ، بسبب أميرين من النّاصرية ، أحدهما ميمون القصري ، والآخر سنقر الكبير ، وكان بأيديهما