وبقي العسكر منتظرا وصول العدوّ ، ليلقوا النار في الأخشاب المحشوّة في الأنقاب ، فلم يصل أحد منهم.
وجاء البرنس في البحر تحت «المرقب» ، وطلب غرس الدّين وابن طمان فوصلا إليه ، وكلّماه على جانب البحر ، فأشار عليهما بأن لا تهدم الّلاذقية ، وأخبرهما أن الفرنج فتحوا «صيدا» و «بيروت» ، وعادوا إلى «صور».
فسيّرا وأعلما السلطان وهو «بريحا» (١) ، فأمر ببناء ما استهدم منها ، وسار إلى «حارم» ، فوصلها في محرّم سنة أربع وتسعين. وأقام بها مدّة ، ثم رحل إلى الّلاذقية ، فعمّرها وعمّر ضياعها ، وتوجه إلى حلب.
وتوفّي غرس الدّين قلج ، فعصى أولاده بالقلاع التي كانت بيده ، وهي : دركوش» ، و «الشغر» ، و «بكاس» ، و «شقيف الروج» ، وامتنعوا من تسليمها إلى الملك الظاهر ، فخرج إليها ، ونازلها ، وأخذ عليها النقوب ، واستنزلهم منها ، وصفح عن جرمهم ، وأجرى لهم المعيشة السنيّة ، وتقدّم عنده منهم : سيف الدين عليّ بن قلج.
__________________
(١) أرجح أنه قصد هنا أريحا جبل السماق ، لا أريحا فلسطين ، وتتبع بلدة أريحا الآن محافظة أدلب ، وتبعد عنها مسافة ١٣ كم وعن المعرة ٢٠ كم ، و ٦٠ كم عن جسر الشغور (الشغر).