مكانه أخاه شهاب الدّين محمود بن بوري (١) ، وحلف النّاس له. وتوجّه أتابك زنكي من الموصل مجدّا ليتسلّم دمشق من شمس الملوك ، فوصل إلى الرّقة وقال : «أشتهي أن أدخل الحمام». فأحضر صلاح الدّين مسيّب بن مالك صاحب الرّقة ، وقال له : «أتابك يشتهي دخول الحمّام ، وهذه خمسمائة دينار تسلّمها واعمل له بها دعوة» فلم يشكّ في ذلك ، ودخلوها ، فلما حصلوا بها أخذوها منه ، وذلك في العشرين من شهر ربيع الآخر.
وبلغه ما جرى بدمشق ، فلم يقطع طمعه فيها ، وسار فنزل العبيدية (٢) ، وراسل أهل دمشق ، فلم يجيبوه إلى مطلوبه ، وردّوا عليه جوابا خشنا ، يتضمّن أنّ الكلمة قد اتّفقت على حفظ الدّولة والذبّ عنها ، فلم يحفل بذلك.
وسار إلى حماة فخرج إليه شمس الخواص بعد أن توثّق منه بالأيمان ، ورحل إلى دمشق ، وسار إليها ، فنزل على دمشق في عسكر عظيم ، وزحف عليها مرارا متعدّدة ، فلم يظفر فيها بطائل ، واشتدّ الغلاء في العسكر ، وعدموا القوت ، وقفز جماعة من العسكر إلى دمشق ، ووقعت المراسلة في حديث الصلح ، وكان قد وصل مع أتابك بعض أولاد السّلطان فطلب أن يخرج شهاب الدّين محمود لوطء بساط ولد السّلطان ، فلم يفعل.
واتّفق الأمر على خروج أخيه تاج الملوك بهرام شاه ، واتّفق عند ذلك
__________________
(١) لمزيد من التفاصيل انظر القلانسي ص ٣٨٧ ـ ٣٩٠.
(٢) في ابن القلانسي ص ٣٩١ : «وخيم بأرض عذراء إلى أرض القصير».