وحمّلني رسالة إلى أتابك شهاب الدّين ، مضمونها ما قد وقع فيه مع أخيه.
«وأنه يتلوّن معه ، تلوّن الحرباء ، ولا يثبت على أمر من الأمور ، وإنّ آخر ما قد وقع بيني وبينه ، أنه التمس مني أن يحلف له أتابك على مساعدته ومعاضدته ، وأن لا يوافق الملك الكامل عليه ، وأنّه متى قصده الملك الكامل ، كان عونا له على الملك الكامل». فلما أبلغت «أتابك» ما قال ، امتنع من الموافقة على ذلك ، وقال : «أنا حلّفني الملك الأشرف للملك الكامل ، وفي جملة يمينه : أنني لا أهادن أحدا من الملوك على قضيّة إلّا بأمره ، فاذا أراد هذا مني فليأتني بأمر من الملك الكامل ، حتى أساعده على ذلك».
وحين رأى «الملك الأشرف» وقوعه في أنشوطة أخيه ، وأن لا مخلص له إلّا بما يريده ، ساعده على كلّ ما طلبه منه ، واستحلفه على الملك الكامل ، وصاحبي حماة وحمص ، فاطمأن الملك المعظّم إلى ذلك ، ومكّن الملك الأشرف من الرحيل ، فسار إلى «الرّقة» ، في جمادى الآخرة من السنة ، فرجع «الملك الأشرف» عن جميع ما قرّرة مع أخيه ، وتأوّل في أيمانه التي حلفها ، بأنه كان مكرها عليها ، وأنه علم أنه لا ينجيه من يدي أخيه إلّا موافقته فيما طلب ، وندم «الملك المعظّم» على تمكينه من الانفصال عنه ، وسيّر العربان إلى بلد حمص وحماة ، فعاثوا فيهما ، ونهبوا.
وخرج عسكر الأنبرور ـ ملك الفرنج ـ إلى عكا ، في جموع عظيمة ، فطمع صاحب حماة ، وصاحب حمص في «الملك المعظّم» حينئذ ، وأرسلا إليه يطلبان العوض عما أخذه من بلادهما ، فلاطف حينئذ أخاه «الملك