وحين سمع «الخوارزميّة» تجمّع العساكر بحلب ، عادوا من أقطاعاتهم ، وتجمّعوا «بحرّان» ، وعزموا على العبور إلى جهة حلب ، ومعاجلتهم قبل أن يكثر جمعهم ، وظنّوا أنهم يبادرون إلى صلحهم.
وكان «عليّ بن حديثة» ، قد انفصل عن «الخوارزمية» وظاهر ابن غنام ، قد خدم بحلب ، وأمّر في سائر العرب ، وزوّجته «الملكة الخاتون» بعض جواريها ، وأقطعته أقطاعا ترضيه.
فسار «الخوارزمية» ، من «حرّان» ، في يوم الاثنين سادس عشر شهر رجب ، من سنة ثمان وثلاثين وستمائة ، وتتابعوا في الرّحيل ، ووصلوا إلى «الرّقة» ، وعبروا «الفرات» ، وبلغ خبرهم إلى حلب ، فبرز «الملك المنصور» خيمته ، وضربها شرقيّ حلب ، على أرض «النّيرب» و «جبرين» ، وخرجت العساكر ، بخيمها حوله.
ووصل «الخوارزميّة» إلى «الفايا» ثم إلى «دير حافر» ثم إلى «الجبّول» ، وامتدوا في أرض «النّقرة». وأقام «الملك المنصور» ، والعسكر معه ، في الخيم ، ويزك الخوارزميّة في «تلّ عرن» ، ويزك الملك المنصور على «بوشلا» ، والعربان يناوشون «الخوارزميّة».
وعاث الخوارزميّة في البلد ، وأحرقوا الأبواب الّتي في القرى ، وأخذوا ما قدروا عليه ، وكان الفساد في هذه المرّة ، أقلّ من المرّة الأولى.
وكان البلد قد أجفل ، فلم ينتهبوا إلّا ما عجز أهله عن حمله ، وتأخّر لقاء العسكر الخوارزميّة ، لأنّهم لم يتكملوا العدّة ، ورحل الخوارزميّة ، فنزلوا