وانقلبت الأثارب فهلك فيها ستّمائة من المسلمين ، وسلم الوالي ومعه نفر يسير ، وهلك أكثر البلاد من شيح ، وتلّ عمار (١) ، وتلّ خالد ، وزردنا (٢) ؛ وشوهدت الأرض تموج ، والأحجار عليها تضطّرب كالحنطة في الغربال.
وانهدم في حلب دور كثيرة ، وتشّعث السّور ، واضطّربت جدران القلعة ، وسار أتابك مشرّقا فنزل القلعة فأخذها ، وسار منها إلى القلعة (٣) ، ثمّ إلى الموصل.
وتواترت الزّلازل إلى شوّال ، وقيل : إنّ عدّتها كانت ثمانين زلزلة.
وكان في سنة اثنتين وثلاثين قد عولّ أتابك على قبض أملاك الحلبيين الّتي استحدثوها من أيّام رضوان إلى آخر أيّام إيلغازي ، ثمّ قرر عليهم عشرة آلاف دينار ، فأدّوا من ذلك ألف دينار ؛ وجاءت هذه الزّلازل ، فهرب أتابك من القلعة إلى ميدانها حافيا ، وأطلق القطيعة.
وفي هذه السّنة ، نهض سوار إلى الفرنج فغنم من بلادهم ، ولحقوه فاستخلصوا ما غنم ، وانهزم المسلمون فغنم الفرنج ، وأخذوا منهم ألفا ومائتي فارس ، وأسروا صاحب الكهف ابن عمرون ، وكان قد سلّمها إلى الباطنية (٤).
__________________
(١) تل عمار في منطقة أعزاز محافظة حلب ويبعد عن حلب مسافة ٣٣ كم.
(٢) زردنا في جوار مدينة أدلب وتبعد عنها مسافة ٢٥ كم.
(٣) عند العظيمي في تاريخ حلب ص ٣٩٤ : «وفتح دارا ورأس العين».
(٤) الكهف إحدى قلاع الدعوة في جبال بهراء.