وطلب منه إرسال العسكر معه إلى مصر ليعود إلى منصبه ، ويكون لنور الدّين ثلث دخل البلاد بعد إقطاعات العساكر ، ويكون نائبه مقيما بعساكره في مصر ، ويتصرّف بأمر نور الدّين واختياره ، فبقي متردّدا بين أن يفعل ذلك وبين أن يجعل جلّ قصده إلى الفرنج ، ثمّ قوي عزمه وسيّر أسد الدّين شيركوه بن شادي ، في عسكر معه ، في جمادى الأولى من سنة تسع وخمسين ، وتقدّم إلى أسد الدّين أن يعيد شاور إلى منصبه.
وسار نور الدّين إلى طرف بلاد الفرنج ممّا يلي دمشق ، بما بقي من العساكر ليمنع الفرنج من التّعرّض لأسد الدّين وشاور في طريقهما ، فاشتغل الفرنج بحفظ بلادهم من نور الدّين عن التّعرّض لهما ، ووصل أسد الدّين وشاور إلى بلبيس ، فخرج إليهم ناصر الدّين أخو ضرغام بعسكر المصريّين ، ولقيهم فانهزم وعاد إلى القاهرة.
ووصل أسد الدّين إلى القاهرة ، فنزل عليها في آخر جمادى الآخرة ، فخرج ضرغام فقتل ، وقتل أخوه ، وخلع على شاور وأعيد إلى الوزارة.
وأقام أسد الدّين بظاهر القاهرة ، فغدر شاور ، وعاد عمّا كان قرّره مع نور الدّين ، وأمر أسد الدّين بالعود إلى الشّام فامتنع ، وطلب ما كان استقرّ فلم يجبه إليه ، فأرسل أسد الدّين نوّابه فتسلّموا بلبيس ، وحكم على البلاد الشرقية.
فأرسل شاور إلى الفرنج ، واستنجد بهم ، وخوّفهم من نور الدّين إن ملك مصر ، فسارعوا إلى تلبيته ، وطمعوا في ملك الديار المصريّة ، وساروا