وعبر النّيل إلى الجانب الغربي عند أطفيح (١) ، وحكم على البلاد الغربيّة ، ونزل بالجيزة مقابل مصر ، فأقام نيّفا وخمسين يوما.
فأرسل شاور واستنجد بالفرنج ، فسار أسد الدّين إلى الصّعيد ، وبلغ إلى موضع يعرف بالبابين (٢) ؛ وسارت العساكر المصريّة والفرنجيّة خلفه ، فوصلوا إليه وهو على تعبئة وقد جعل أثقاله في القلب ليتكثّر بها ؛ وجعل ابن أخيه صلاح الدين في القلب ، وأوصاهم متى حملوا عليه أن يندفع بين أيديهم قليلا ، فإذا عادوا فارجعوا في أعقابهم.
واختار من يثق بشجاعته ، ووقف بهم في الميمنة ، فحمل الفرنج على القلب ، فاندفع بين أيديهم غير مفرقين ، فحمل أسد الدّين بمن معه على من بقي منهم ، فهزمهم ووضع السّيف فيهم ، وأكثر القتل والأسر ، وعاد الذين حملوا على القلب فوجدوا أصحابهم قد مضوا قتلا وأسرا فانهزموا.
وسار أسد الدّين إلى الاسكندريّة ، ففتحها باتّفاق من أهلها ، واستناب بها صلاح الدين ، وعاد إلى الصّعيد ، وجبى أمواله.
وتجمّع الفرنج والمصريّون ، وحصروا صلاح الدّين بالاسكندريّة ، فصبروا على الحصار إلى أن عاد أسد الدّين ، فوقع الصّلح على أن بذلوا لأسد الدين خمسين ألف دينار ، سوى ما أخذ من البلاد ، وأن الفرنج
__________________
(١) بلد بالصعيد الأدنى من أرض مصر ، على شاطىء النيل في شرقيه. معجم البلدان.
(٢) على عشرة أميال من المنية. وليم الصوري ص ٩١١ ـ ٩١٣ مع وصف المعركة بتفاصيل مفيدة جدا.