محاصرا لها ، وسيّر عسكرا كثيرا إلى حلب مع أخيه عزّ الدّين مسعود ، مع أكبر أمرائه «زلفندار» ، فوصل عزّ الدّين إلى حلب ، واجتمعت عساكر حلب معه ، وساروا إلى حماة ، فقاتلوها.
فأرسل الملك النّاصر ، وبذل لهم تسليم حمص وحماة ، وأن يقرّ بيده دمشق ، وأن يكون فيها نائبا عن الملك الصّالح ، فلم يجيبوه إلى ذلك ، وقالوا : «لا بدّ من تسليم جميع ما أخذه من الشّام ، وعوده إلى مصر».
فسار الملك النّاصر إلى عزّ الدّين وزلفندار ، فالتقوا تاسع عشر شهر رمضان ، على قرون (١) حماة. فانهزم عسكر الموصل ، وثبت عزّ الدّين بعد الهزيمة ، فقال الملك الناصر : «إما أن يكون هذا أشجع النّاس ، أو أنه لا يعرف الحرب». وأمر أصحابه فحملوا عليه حتى أزالوه عن موقفه ، وتمّت الهزيمة ، وتبعهم الملك النّاصر ، وغنموا غنائم كثيرة ، وأسر جماعة كثيرة ، فأطلقهم.
ونزل الملك النّاصر على حلب ، محاصرا لها ، وقطع حينئذ خطبة الملك الصّالح ، وأزال اسمه عن السّكّة في بلاده ، فلما طال الأمر عليهم راسلوه في الصّلح ، على أن يكون له ما بيده من بلاد الشّام ، ولهم ما بأيديهم ، وأخذ المعرّة ، وكفرطاب ، وانتظم الحال بينهم على ذلك.
ورحل عن حلب ، في العشر الأول من شوّال ، إلى حماة ، فوصلته
__________________
(١) جبلا زين العابدين وكفراع شمالي حماة.