وفي رواية أخرى : أنه قال : لئن سبقتمونا بالإسلام والجهاد والهجرة ، لقد كنا نعمر المسجد الحرام ، ونسقي الحاج ؛ فأنزل الله تعالى : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ) الآية (١).
ولكن هذه الآية ، والآية السابقة ، في الرواية المتقدمة هما في سورة التوبة ، التي نزلت في أواخر سني حياته «صلى الله عليه وآله» أي بعد بدر بعدة سنوات.
فلعل ما ذكرته الروايتان لم يكن في بدر ، بل كان يوم فتح مكة ، ويكون تصريح الرواية السابقة ببدر من اشتباه الرواة.
لكن يرد على ذلك : أن العباس لم يؤسر يوم الفتح ، فلماذا يغلظ له علي «عليه السلام»؟
إلا أن يقال : لعل ذلك قد كان قبل إعلان النبي «صلى الله عليه وآله» بالكف ، وإعطاء الأمان لهم.
وفي نص آخر : أن الأنصار كانوا يريدون قتل العباس ؛ فأخذه الرسول منهم ، «فلما صار في يده : قال له عمر : لأن تسلم أحب إلي من أن يسلم الخطاب ، وما ذاك إلا لما رأيت رسول الله يعجبه إسلامك» (٢).
__________________
(١) الآية ١٩ من سورة التوبة. والحديث في : أسباب النزول للواحدي ص ١٣٩ ، والدر المنثور ج ٣ ص ٢١٨ عن ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وعبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وأبي الشيخ.
(٢) البداية والنهاية ج ٣ ص ٢٩٨ عن الحاكم ، وابن مردويه ، وحياة الصحابة ج ٢ ص ٢٤٤ و٢٤٥ عن كنز العمال ج ٧ ص ٦٩ عن ابن عساكر.