يخيف ، وليس هنالك ما يثير قلقا.
أما هم ـ أعني بني النضير ـ فيجدون في أنفسهم القوة والمنعة ، ولهم حلفاء كثيرون ، وكثيرون جدا.
وبعد كل ما تقدم ، فقد جاء موقف الإسلام ، المتمثل في موقف رسوله الأعظم «صلىاللهعليهوآله» ، في دقته ، وفي ثاقب بصيرته ـ قد جاء ـ على خلاف ما يتوقعون ، وبغير ما يريدون ويشتهون.
فقد رأى المسلمون ، من خلال الموقف النبوي الحازم والقوي : أن النصر في بدر ، وكذلك الضربة القاسية التي نزلت في أحد ، لا بد أن تعمق فيهم إيمانهم ، وارتباطهم بالله سبحانه ، وتقوي من صمودهم ، وتشد من عزائمهم. وقد جعلهم هذا النصر ، وتلك المأساة يشعرون بمسؤولية أكبر تجاه الرسالة ، حيث أصبحوا في موقع التحدي السافر لكل مظاهر الظلم والجبروت والطغيان ومصادره.
وعليهم من الآن فصاعدا أن يطردوا من آفاقهم كل مظاهر الضعف ، وأن ينقوا أجواءهم من جميع عوامل التشر ذم والتشتت ، وأن يبعدوا عن واقعهم وعن علاقاتهم ، جميع مصادر الخلل ، وعدم الانسجام.
فالتحدي كبير ، والمسؤوليات جليلة وخطيرة ، فلا بد من الاستعداد ولا بد من التصدي ، بصورة أعمق ، وأوثق وأوفق ، ما دام أنهم قد وصلوا إلى نقطة اللارجوع ، وأصبح الثمن غاليا ، وهو دماء زكية ، وأرواح طاهرة ، ونقية ، فالحفاظ على القضية ، وعلى منجزاتها ، التي دفعوا ثمنها جزء من وجودهم ومن ذواتهم وأرواحهم أمر حتمي ، إذ إن التخلي عنها يساوق التخلي عن الحياة وعن الوجود ، وعن كل شيء.