ولكنهم لم يقنعهم ذلك ، رغم أنه «صلىاللهعليهوآله» قد أخبرهم : أنه سيقتل بعدتهم فيما بعد ، لو تم إطلاق سراحهم .. وهكذا كان.
وقد سجلنا بعض الشكوك والتساؤلات حول موقف بعض المهاجرين في حرب أحد (١) فلا نعيد.
ومهما يكن من أمر ، فإننا لا نستطيع أن نفهم موقف هذا الفريق من المهاجرين هنا ، وكذلك موقف بعضهم في بدر ، وأحد ، بصورة ساذجة ولا أن نفسره بطريقة سطحية ، ما دام أن الدلائل تشير إلى خلفيات ، ودوافع غير معلنة ، ولا ظاهرة ، يؤثر الوقوف عليها في استجلاء كثير من الحقائق ، والوقوف على بواطن وكوامن كثيرة ، ولربما على مبهمات خطيرة ، تؤثر على فهمنا العام لكثير من المواقف في حياة العديد من الشخصيات التي كان لها دور مرموق في كثير من الأحداث الخطيرة في التأريخ الإسلامي.
وخلاصة الأمر : أن البحث الموضوعي يقضي بتقصي النصوص والمواقف واستنطاقها ، لمعرفة مدى تعاطف بعض المهاجرين مع قومهم المكيين ، ومع يهود المدينة ، ليمكن لنا تقييم مواقفهم ، وفهم معاني كلماتهم ، وإشاراتها ومراميها ، بصورة أدق وأعمق ، وليكون تصورنا أقرب إلى الواقع ، وأكثر شمولية ، وأتم وأوفى.
وفي إشارة خاطفة نذكّر : بأننا قد تحدثنا عن أن المهاجرين كانوا يشكلون تكتلا مستقلا ، له تطلعاته وطموحاته ، وله فكره المتميز في آفاقه وفي خصائصه ، ولا سيما في ما يرتبط بالسياسة والحكم والتخطيط له.
__________________
(١) راجع هذا الكتاب ج ٨ عنوان : من مشاهد الحرب.