السمهودي للبيت الثاني غير مفهوم ، فإن حريق النخل لا يلزم منه لحوق الضرر بأراضي الأنصار.
كما أن تفسيره ، الذي ذكره لا يدفع كلام ابن سيد الناس ، وذلك لأن البيت الأول من بيتي الجواب ، فيه الدعاء والطلب من الله أن يديم هذا الصنيع.
وظاهره : أن ذلك الدعاء يصدر من رجل محب وموال وموافق على هذا الحريق.
كما أن من البعيد أن يكون قد وصل خبر حرق النخل إلى مكة ، ثم وصل شعر حسان إليهم ، وأجابوا عليه بالطلب من الله إدامة هذا الأمر من أجل أن تحترق أراضي الأنصار ، فإن أمر بني النضير قد فرغ منه خلال أيام.
ومن جهة أخرى : فإن البيت الأول يناسبه كلمة وعز ؛ لأن سراة بني لؤي ـ وهم مشركو مكة ـ يعز عليهم حدوث هذا الحريق في بني النضير ، ولا يهون عليهم .. إلا إذا كان يقصد بسراة بني لؤي النبي «صلىاللهعليهوآله» ومن معه.
أو كان يقصد : أن هذا الحريق لا تهتم له قريش ولا يضرها بشيء ، فأجابه حسان بأن ذلك سوف يضيرهم قطعا ، ولن تتضرر أرض الأنصار منه.
ومهما يكن من أمر ، فإنه لم يتضح لنا وجه تقويته لأن يكون البيت الأول لحسان .. والبيتان الآخران لأبي سفيان بن الحارث ..
ولعل كلام ابن سيد الناس أولى بالقبول ، وأقرب إلى اعتبارات العقول.
وأخيرا .. فقد قال العيني : في ترجيح قول ابن سيد الناس : «يصلح للترجيح قول أبي عمرو الشيباني ، لأنه أدرى بذلك من غيره على ما لا يخفى على أحد» (١).
__________________
(١) عمدة القاري ج ١٧ ص ١٢٩.