أبدانهم (١).
وكان مما قاله سلام بن مشكم لحيي بن أخطب حول وعد ابن أبي لهم بالنصر :
«ليس قول ابن أبي بشيء ، إنما يريد ابن أبي : أن يورطك في الهلكة ، حتى نحارب محمدا ، ثم يجلس في بيته ويتركك. قد أراد من كعب بن أسد النصر ، فأبى كعب ، وقال : لا ينقضن العهد رجل من بني قريظة وأنا حي ، وإلا فإن ابن أبي قد وعد حلفاءه من بني قينقاع مثل ما وعدك حتى حاربوا ونقضوا العهد ، وحصروا أنفسهم في صياصيهم ، وانتظروا نصرة ابن أبي ، فجلس في بيته ، وسار محمد إليهم ، فحصرهم حتى نزلوا على حكمه.
فابن أبي لا ينصر حلفاءه ، ومن كان يمنعه من الناس كلهم ، ونحن لم نزل نضربه بسيوفنا مع الأوس في حربهم كلها ، إلى أن تقطعت حربهم ، فقدم محمد فحجز بينهم. وابن أبي لا يهودي على دين يهود ، ولا على دين محمد ، ولا على دين قومه ، فكيف تقبل منه قولا قاله؟
قال حيي : تأبى نفسي إلا عداوة محمد وإلا قتاله ..
قال سلام : «فهو والله جلاؤنا من أرضنا الخ ..» (٢).
ويلاحظ من كلام سلام : أنه كان يشك في نوايا عبد الله بن أبي تجاههم.
ومما يؤكد هذه التهمة قول الواقدي بعد ذكره إرسال ابن أبي إلى قريظة يطلب منهم نصر إخوانهم من بني النضير ، ورفضهم لذلك : «فيئس ابن أبي من قريظة ، وأراد أن يلحم الأمر فيما بين بني النضير ، ورسول الله ، فلم يزل
__________________
(١) الدر المنثور ج ٦ ص ١٩٩ عن الديلمي.
(٢) مغازي الواقدي ج ١ ص ٣٦٩ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٦٤.