تخضع للمساومة ، ولا للمداهنة ، ولا يمكن التنازل عن أي شيء فيها في مقابل المال والنوال.
ولا سيما إذا كان إعطاء المال أو تقديم الهدية يوزن بميزان جاهلي ، مصلحي ، حسبما ألمحنا إليه.
ب : وبعد فإن إهداء أبي براء ملاعب الأسنة للنبي «صلىاللهعليهوآله» ، وقول حامل الهدية حينما رد النبي الهدية : «ما كنت أرى أن رجلا من مضر يرد هدية أبي براء» (١) يدل على أن أبا براء كان رجلا ذا أهمية في مجتمعه الذي يعيش فيه ، حتى إن أي مضري لا يجرؤ على رد هديته احتراما وتقديرا له.
فإهداؤه للنبي «صلىاللهعليهوآله» يدل على أن النبي «صلىاللهعليهوآله» كان قد ذاع صيته ، وظهرت هيبته في مختلف أرجاء المنطقة آنئذ ، وبدأ يتزلف إليه المتزلفون ، ويخطب وده الخاطبون.
ج : كما أن الأمر الذي يثير العجب حقا هو : أننا نجد أبا براء ذلك الرجل المعروف والمبجل في محيطه ، والذي لا يرد هديته مضري ليس فقط يتلقى هذه الصدمة الكبيرة ، وهي رد هديته من قبل صديقه ، بالإذعان والقبول ، وإنما هو يطلب من النبي إرسال دعاته إلى بلاد نجد ، ويقبل أن يتحمل مسؤولية حمايتهم ، وكونهم في جواره.
هذا كله .. عدا عن طلبه الاستشفاء بالنبي «صلىاللهعليهوآله» وعمله بما أرسل به إليه.
مع أننا نجد ابن أخيه عامرا على العكس من ذلك تماما ؛ حيث يثيره
__________________
(١) راجع : تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٧٢.