وليس من البعيد أن يكون سبب ذلك هو إرادة الإيحاء بأنه «صلىاللهعليهوآله» لم يكن يرى نفسه مالكا ، بل هو يتعامل مع هذه الأراضي كما لو كانت ترجع إلى بيت مال المسلمين ، الأمر الذي يؤكد صدق الحكام بعد رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في دعواهم : أنه «صلىاللهعليهوآله» لا يورث ، وحتى لو كان يورث ، فإن تعامله هذا يدل على أنه لم يكن مالكا.
وإذا .. فما وعد به أبو بكر ، من أنه يطعم آل رسول الله قوت سنة ، ويجعل الباقي في الكراع والسلاح ، لا يعتبر خروجا عما رسمه رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بل يكون متبعا له ، ومقتديا به ؛ فرفض أهل البيت «عليهمالسلام» لهذا العرض يصبح بلا مبرر ظاهر ، وتكون الزهراء «عليهاالسلام» هي المخالفة للرسول الكريم «صلىاللهعليهوآله» ، ولأحكام الشرع والدين الحنيف ، وتطلب ما ليس لها بحق ، وتصر على طلبها هذا ، رغم توضيح الأمر لها!.
ولكننا مع ذلك نقول :
إنه حتى لو صح أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» كان يفعل ذلك ، وصح أيضا : أن هذا السلاح قد بقي عند أبي بكر وعمر ؛ فإنه لا يدل على عدم ملكية الرسول «صلىاللهعليهوآله» لتلك الأراضي ، بعد أن نص القرآن العظيم على ملكيته «صلىاللهعليهوآله» لها. حيث يمكن أن يكون إنما يفعل ذلك تبرعا ، وإيثارا لرضا الله سبحانه ، وطلبا لمثوبته التي يرغب بها كل مؤمن.
لا سيما وأن القرآن قد حث الناس على أن يجاهدوا في الله بأموالهم وبأنفسهم. ومن أولى من الرسول الأكرم «صلىاللهعليهوآله» بالمسارعة إلى امتثال أمر الله هذا؟!.