قال ابن كثير : «ثم إن عليا والعباس استمرا على ما كانا عليه ، ينظران فيها جميعا إلى زمان عثمان بن عفان ؛ فغلبه عليها علي ، وتركها له العباس ؛ بإشارة ابنه عبد الله (رض) بين يدي عثمان ـ كما رواه أحمد في مسنده ـ فاستمرت في أيدي العلويين» (١).
ونقول :
إننا وإن كنا لا نستبعد أن يكون علي «عليهالسلام» والعباس «رحمهالله» قد طالبا عمر بن الخطاب بأراضي بني النضير ، ولكننا نرى : أن حكاية هذه القضية بالشكل الآنف الذكر ، لا ريب في كونها مكذوبة ومصنوعة ، بهدف تبرئة ساحة الهيئة الحاكمة فيما أقدمت عليه من مصادرة أموال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» فور وفاته ، وحرمان ابنته «عليهاالسلام» من إرثه.
ولكن مخترعها ، أو فقل الذي حرفها ، وصاغها بهذا الشكل ، لم يكن ذكيا بالقدر الكافي ، ولا له معرفة تؤهله للاحتراس من المؤاخذات الظاهرة والواضحة ؛ تاريخية كانت ، أو تفسيرية ، أو شرعية ، أو غيرها كما سنرى.
والأبدع من ذلك!! : أننا نجد الرواية قد ذكرت في كتب الصحاح ، التي هي أصح الكتب ـ عند أصحابها ـ بعد القرآن .. فكيف خفي أمرها
__________________
سعد ج ٢ ص ٣١٥ وتاريخ المدينة ج ١ ص ٢٠١ و ٢٠٥ و ٢٠٧ والمصنف لعبد الرزاق ج ٥ ص ٤٧١ و ٤٧٢ والصواعق المحرقة ص ٣٦ وراجع : تلخيص الشافي ج ٣ ص ١٥٠ والموطأ مطبوع بهامش تنوير الحوالك ج ٣ ص ١٥٤ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٠٣ وج ٥ ص ٢٨٨ وفتوح البلدان ج ٤ ص ٣٤ ومعجم البلدان ج ٤ ص ٢٣٩ والإيضاح لابن شاذان ص ٢٥٧ ـ ٢٦٢ وراجع هوامشه.
(١) السيرة النبوية ج ٤ ص ٥٧٣ والبداية ج ٥ ص ٢٨٨.