يعلمانه ، لزمه تطرق الذم إلى عمر نفسه ، لأنه يفتري عليهما ، وينسب إليهما ما لا يعتقدانه.
مع أن البخاري ومسلما ذكرا في صحيحيهما : أن قول عمر هذا لعلي والعباس ، قد كان بمحضر مالك بن أوس ، وعثمان وعبد الرحمن بن عوف ، والزبير وسعد. ولم يعتذر أمير المؤمنين عن هذا الاعتقاد الذي نسب إليهما ، ولا أحد من الحاضرين اعتذر لأبي بكر وعمر (١).
وأجاب البعض عن ذلك : بأنه قد جاء على لسان عمر على سبيل الفرض والتقدير ، والزعم ؛ فإن الحاكم إذا حكم بخلاف ما يرضي الخصم ، يقول له : تحسبني ظالما ولست كذلك ، ولذلك لم يعتذر علي «عليهالسلام» ولا العباس ولا غيرهما ممن حضر (٢).
ورد عليه العلامة المظفر «رحمهالله» : بأن هذا مضحك ، إذ كيف لا يكون على سبيل الحقيقة ، وهما إنما يتنازعان عند عمر في ميراث النبي «صلىاللهعليهوآله» بعد سبق رواية أبي بكر وحكمه؟ فإن هذا النزاع بينهما لا يتم إلا بتكذيبهما لأبي بكر في حديثه ، وحكمهما عليه بأنه آثم غادر خائن على وجه يعلمان : أن عمر عالم بكذب حديث أبي بكر ، وأن موافقته له في السابق كان لسياسة دعته إلى الموافقة ، ولو لم يكونا عالمين بأن عمر عالم بكذب حديث أبي بكر ، لم يصح ترافعهما إلى عمر من جديد (٣).
__________________
(١) نهج الحق ص ٣٦٥ و ٣٦٦ وراجع دلائل الصدق ج ٣ قسم ٢ ص ١٢٤ و ١٢٥.
(٢) دلائل الصدق ج ٣ قسم ٢ ص ١٢٦.
(٣) دلائل الصدق ج ٣ قسم ٢ ص ١٢٨ و ١٢٩.