من خلال جهد يبذل في ساحة القتال ، تتجلى فيه فاعلية السلاح المتفاعل مع عنصري الشجاعة الذاتية من جهة ، والطموح من جهة أخرى ، حيث يرسم معالمهما جهد تربوي ، وتعليمي ، وشحن روحي ونفسي ، بالإضافة إلى تأثير النواحي التنظيمية ، وما يتبع ذلك من تخطيط عسكري مستند إلى الخبرات الواسعة ، والدراسات المعمقة ، إلى أن ينتهي الأمر بحسن الأداء ، والدقة في التنفيذ والالتزام.
إن حرب بدر ثم ما تلاها من حروب وأحداث ، وكذلك ما سبقها من ذلك أيضا قد أقنعت أهل الإيمان : بأن الحرب ليست هي مجرد ما ذكرناه آنفا.
وإنما الحرب والجهاد عبادة وفناء في ذات الله ، وباب قد فتحه الله ولكن ليس لكل أحد ، وإنما لخاصة أوليائه ، حيث يخرج من عالم ويدخل من ذلك الباب إلى عالم جديد بكل ما لهذه الكلمة من معنى. يعبر الإنسان فيه بوابة الموت ليصل إلى الحياة ، وهي الحياة الحقيقية التي يصبح فيها هؤلاء الأموات الأحياء شهداء على الناس ؛ لأنهم أصبحوا قادرين على فهم الواقع بعمق ، ومن دون أية حواجز وموانع تقلل من درجة الإدراك ، سواء كانت تلك الحواجز مادية ـ ولو كانت هي نفس الوسائل التي يستخدمها الإنسان للحصول على العلم بما يحيط به من حوله ـ أو كانت من نوع الشهوات والأهواء ، وغيرهما مما يمنع من إدراك الأشياء على حقيقتها.
فالصلاة والجهاد من سنخ واحد. فإذا كانت الصلاة تساعد الإنسان على ممارسة الجهاد الأكبر الذي هو جهاد النفس ، فإن القتال والحرب جهاد أصغر يمكّن من دحر العدو الذي يهدف إلى تسديد الضربة إلى الإسلام والمسلمين ، أو