إن الله لم يزل يرعى نبيّه ، ويظهر له المزيد من الكرامة ، ويحوطه بألطافه ، ويكلؤه ، ويحفظه ، ويصونه.
ويلفت نظرنا هنا : تأثير جواب النبي «صلىاللهعليهوآله» لذلك الرجل بأن الله هو الذي يمنعه منه ، في ظرف لم يكن ذلك الرجل يفكر بالله سبحانه ، ولا يخطر في باله أن يتدخل الله في موقف كهذا لنصرة أي من الفريقين ، ورأى من ثقة النبي «صلىاللهعليهوآله» بالله واعتماده عليه حتى إنه لم تتطرق ذرة من الخوف إلى قلبه الشريف حتى في موقف كهذا ـ رأى من ذلك ما أرعبه ، وهز كيانه ، وأثار أمامه أكثر من سؤال ، فتزعزعت الثوابت التي كانت تتحكم في كيانه وتهيمن على وجوده. فلم يعد ثمة ما يحمي له قراره بقتل محمد ، وأصبحت اليد الممدودة ليس لها مدد من إرادة ، ولا رافد من عزيمة ، فكان من الطبيعي أن تسقط ، ويسقط السيف الذي كانت تحمله.
ثم لما رأى السيف في يد النبي «صلىاللهعليهوآله» ، ورجع إلى كيانه ووجوده ، فرآه موزعا وخاويا ، وراجع حساباته كلها ، فرأى أنه لا يملك أي رصيد يخوله أن يعتمد عليه ، ويستند إليه ، كان لا بد له من الاعتراف بأن لا أحد يمنع أو يدفع عنه ، فما دام الله ليس معه ، فإنه لا أحد معه ، وهذه حقيقة لا بد من الاعتراف بها والانصياع لها قبل فوات الأوان ، وهكذا كان.