ولعل الأجدر الإجابة على السؤال المتقدم ، بما يلي :
أولا : الكلمة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب (١) ، وإنما أسلم خالد في السنة الثامنة ، وهي نفس السنة التي أرسله النبي «صلىاللهعليهوآله» فيها إلى اليمن .. في حين أنه هو نفسه بقي يحارب الله ورسوله طيلة أكثر من عشرين سنة ، رغم أنه يرى المعجزات الإلهية ، ويشاهد محاسن الإسلام وهي تتجلى في سلوك المؤمنين ، وفي أقوالهم ، وأفعالهم.
ثم إنه لما رأى سطوع نجمه ، وظهوره على الدين كله وأفول نجم الشرك ، وتهاوي أركانه واحدا تلو الآخر ، وطمس أعلامه ، وسقوط دعاته في حمأة الخزي والذل والعار ، آثر أن يكون مع الكفة الراجحة والناجحة ، ليضمن له موقعا قبل فوات الأوان.
فأظهر الإسلام ولكنه بقي يحمل مفاهيم الشرك ، وعقلية الجاهلية ، ويعيش طموحاته الشخصية والفئوية والعشائرية كما أظهرته ممارساته ، وسيرة حياته.
فراجع ما فعله بمالك بن نويرة لمجرد رفضه بيعة أبي بكر ، فإنه خدعه ، ثم قتله وزنى بزوجته في نفس ليلة قتله ..
فشتان بين من يريد الإسلام ، ليكون وسيلة للوصول إلى أهدافه وتحقيق مآربه ، ونيل غاياته التي يرى أنها هي الأهم والأغلى عليه .. وبين علي بن أبي طالب «عليهالسلام» الذي يرى أن الإسلام هو الأعلى
__________________
(١) راجع : شرح النهج للمعتزلي ج ٢٠ ص ٢٨٧ وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر ج ٢ ص ٨ وشرح اللمعة للشهيد الثاني ج ١ ص ٦٦١.