والأغلى ، وأن عليه أن يضحي بنفسه وماله وولده من أجله ..
فإذا دعا خالد الناس إلى الإسلام ، فإنه لن يكون الداعي الصادق ، والمخلص في دعوته ، ولن تخرج كلماته عن الإسلام من قلبه ، لتجد سبيلها إلى قلوب الآخرين ، وفقا لما قيل : «من القلب إلى القلب سبيل» (١).
ثانيا : لقد خاطب الله نبيه بقوله : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (٢).
وهذا يدلنا على : أن خالدا لم يدع أهل اليمن بالحكمة ، والموعظة الحسنة ، ولا جادلهم بالتي هي أحسن. ولذلك لم يستجيبوا له رغم مرور ستة أشهر على محاولاته ، كما أن الناس لم يروا محاسن الإسلام على تصرفات خالد ، ومن معه ، ولم تظهر لهم حقائقه ودقائقه ، ولا تلمسوا أهدافه ، ومراميه ..
أي أنه لم يكن داعيا إلى الله بأفعاله وسلوكه ، ليكون مصداقا لقول أهل بيت العصمة : «كونوا دعاة إلى الله بغير ألسنتكم».
بل ربما يكون قد أساء إليهم ، وحاول أن يبتزهم في أموالهم أو في أعراضهم ، أو أن يفرض عليهم الإستسلام ، والخضوع لأوامره ونواهيه ، ليكون إسلامهم مجرد لقلقة لسانية ليس وراءها إيمان ولا اعتقاد ..
أي أنه لم يزد على أن قدم لهم مجرد دعوة لسانية ، ولعلها كانت تحمل في ثناياها الكثير من التحديات ، والمنفرات لهم.
__________________
(١) راجع : تفسير الآلوسي ج ٢٣ ص ٢١٤.
(٢) الآية ١٢٥ من سورة النحل.