ثم إنه أرسل إلى جاريته مارية ، فأدخلها بيت حفصة ، فوقع عليها ، فأتت حفصة فوجدت الباب مغلقا ، فجلست عند الباب ، فخرج رسول الله «صلىاللهعليهوآله» وهو فزع ، ووجهه يقطر عرقا ، وحفصة تبكي ، فقال : ما يبكيك؟
فقالت : إنما أذنت لي من أجل هذا؟! أدخلت أمتك بيتي ، ثم وقعت عليها على فراشي؟! ما كنت تصنع هذا بامرأة منهن ، أما والله ما يحل لك هذا يا رسول الله.
فقال : والله ، ما صدقت : أليس هي جاريتي ، قد أحلها الله تعالى لي ، أشهدك أنها علي حرام ، ألتمس بذلك رضاك ، انظري لا تخبري بذلك امرأة منهن ، فهي عندك أمانة.
فلما خرج رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قرعت حفصة الجدار الذي بينها وبين عائشة ، فقالت : ألا أبشري ، إن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قد حرم أمته ، فقد أراحنا الله منها.
فقالت عائشة : أما والله ، إنه كان يريبني أنه كان يقبل من أجلها ، فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) (١). ثم قرأ رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : (وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ) (٢) ، فهي عائشة وحفصة.
وزعموا : أنهما كانتا لا تكتم إحداهما للأخرى شيئا.
وكان لي أخ من الأنصار إذا حضرت ، وغاب في بعض ضيعته ، حدثته بما قال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وإذا غبت في بعض ضيعتي ، حدثني.
__________________
(١) الآية ١ من سورة التحريم.
(٢) الآية ٤ من سورة التحريم.