ممتنعا عن الإبلاغ ، ولكنه كان ممنوعا منه ، فالتهديد له ـ إن كان ـ فإنما هو من باب : «إياك أعني ، واسمعي يا جارة».
وهذا بالذات ، ما نريد توضيحه في هذا البحث ، بالمقدار الذي يسمح لنا به المجال ، والوقت فنقول :
الغدير والإمامة :
إن من يراجع كتب الحديث والتاريخ ، يجدها طافحة بالنصوص والآثار الثابتة ، والصحيحة ، الدالة على إمامة علي أمير المؤمنين «عليه الصلاة والسلام» ، ولسوف لا يبقى لديه أدنى شك في أن النبي «صلىاللهعليهوآله» وسلم لم يأل جهدا ، ولم يدخر وسعا في تأكيد هذا الأمر ، وتثبيته ، وقطع دابر مختلف التعلّلات والمعاذير فيه ، في كل زمان ومكان ، وفي مختلف الظروف والأحوال ، على مر العصور والدهور.
وقد استخدم في سبيل تحقيق هذا الهدف مختلف الطرق والأساليب التعبيرية ، وشتى المضامين البيانية : فعلا وقولا ، تصريحا ، وتلويحا ، إثباتا لجانب ونفيا لجانب آخر ، وترغيبا وترهيبا ، إلى غير ذلك مما يكاد لا يمكن حصره ، في تنوعه ، وفي مناسباته.
وقد توجت جميع تلك الجهود المضنية ، والمتواصلة باحتفال جماهيري عام نصب فيه النبي «صلىاللهعليهوآله» رسميا عليا «عليهالسلام» بعد انتهائه «صلىاللهعليهوآله» من حجة الوداع في مكان يقال له : «غدير خم». وأخذ البيعة له فعلا من عشرات الألوف من المسلمين ، الذين يرون نبيهم للمرة الأخيرة.