موقع آية البلاغ بين الآيات :
وقد حاول البعض أن يقول : إن الآيات التي سبقت آية الإبلاغ ولحقتها تتحدث عن أهل الكتاب. فينبغي أن تكون آية (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) (١). ناظرة إلى تبليغ ما أنزله الله تبارك وتعالى في أهل الكتاب ، مثل قوله تعالى : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) (٢)» (٣).
وأجيب أولا : بأن قوله تعالى في الآية : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (٤) يدل على أن ثمة خطرا يتهدد النبي «صلىاللهعليهوآله» ، أو الدين نتيجة لإبلاغ هذا الحكم .. ولم يكن اليهود والنصارى يشكلون أي خطر على النبي «صلىاللهعليهوآله» آنئذ ، بل كان خطرهم قد انحسر بدرجة كبيرة جدا ، ولم يعد هناك ما يبرر إحجامه «صلىاللهعليهوآله» عن تبليغ أمر يرتبط بهم ، بانتظار أن يمنحه الله العصمة منهم.
ثانيا : ليس في الآية حدة توجب خوفه «صلىاللهعليهوآله» من أهل الكتاب ، وقد أبلغ «صلىاللهعليهوآله» اليهود ما هو أشد منها .. علما بأن شوكة اليهود وكذلك النصارى كانت قد كسرت حين نزول سورة المائدة ،
__________________
(١) الآية ٦٧ من سورة المائدة.
(٢) الآية ٦٨ من سورة المائدة.
(٣) تفسير الميزان ج ٦ ص ٤٢ ودلائل الصدق ج ٢ ص ٥١ و ٥٢ عن الرازي.
(٤) الآية ٦٧ من سورة المائدة.