الرسول صلىاللهعليهوآله والمتآمرون :
قد عرفنا فيما تقدم : أن قريشا قد صدت النبي «صلىاللهعليهوآله» عن إبلاغ أمر الإمامة في عرفات وفي منى في مسجد الخيف ..
وتقدم في فصول أخرى : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» بمجرد انتهائه من المناسك ، بادر إلى ترك مكة من دون أن يذهب إلى البيت ، ولو لإلقاء نظرة الوداع عليه من قرب ..
وقد تأكد لنا مما أسلفناه : أن تأخيره «صلىاللهعليهوآله» إبلاغ ما أنزل إليه في شأن الإمامة والولاية ، قد كان بسبب المعارضة الكبيرة التي يجدها لدى قريش ، التي كانت لا تتورع عن مواجهة النبي «صلىاللهعليهوآله» ليس فقط بالضجيج والصخب ، وإنما باتهام شخصه «صلىاللهعليهوآله» ، والطعن والتشكيك في نزاهته ، وفي خلوص عمله ونيته. بل سيأتي أنها قد اتهمته حتى في عقله بعد إظهارها الإسلام ، كما اتهمته بالجنون قبل ذلك ، وهذا هو ما عبرت عنه كلمة عمر الشهيرة : إن النبي ليهجر. أو غلبه الوجع. أو كلمة معناها ذلك.
وقد صرحت طائفة من النصوص المتقدمة : بأن قريشا كانت هي التي تتصدى وتتحدى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وإليك نموذجا آخر من تصريحات الرسول «صلىاللهعليهوآله» ، مع التذكير بأن الله تعالى لم يكن أمر النبي «صلىاللهعليهوآله» بأن يبلغ أمر الولاية على كل حال ، بل وفقا لظروف ومقتضيات النجاح. أي أنه أمره بإبلاغ منتج ، لا بإبلاغ عقيم.
وكان «صلىاللهعليهوآله» يحتاج إلى ما يطمئنه إلى جدوى تبليغ أمر الإمامة ، وعدم إثارة قريش للشبهات التي تضيع جهده «صلى الله عليه