وقلنا : إن جميع هذه الأحكام قد سبق أن بينها الله تعالى في آيات نزلت قبل سنوات من نزول سورة المائدة. إما بنحو التنصيص والصراحة ، أو ببيان حكم العنوان العام الشامل لها. كعنوان الميتة ، وعنوان الفسق.
لماذا الجملة الإعتراضية؟! :
ويلاحظ : أن الإتيان بالجملة الإعتراضية بين أمرين ظاهري التلازم ، يشير بوضوح إلى أهمية الأمر الذي يراد بيانه في الجملة الإعتراضية ، لدلالته على أن هذا الأمر لا مجال لتأجيله ، بل هو من الأهمية بحيث جعل المتكلم يبادر إلى قطع كلامه المترابط ، ليشير إليه ، ثم يعود لإكمال كلامه من حيث قطعه.
فإن أحدا لا يقطع كلامه لأجل بيان أمر تافه ، أو عادي ، كأن يقول لأحدهم مثلا : يا فلان ، انفض الغبار عن كم قميصك. ثم يعود لمتابعة كلامه الأول. بل هو يقطع كلامه ليقول : احذر من أن يقع ولدك عن السطح ، أو في البئر ، أو إحذر من الأفعى لا تلدغك ، أو نحو ذلك.
لماذا جعلت بين أحكام سبق بيانها؟! :
وإنما أورد تبارك وتعالى هذا الأمر الخطير في ضمن جملة إعتراضية ، بين أحكام سبق بيانها أكثر من مرة ، وليس فيها ولو حكم تأسيسي واحد ، لكي لا يتوهم أحد أن الدين قد كمل بإبلاغ هذا الحكم أو هذه الأحكام الواردة في هذه الآية في هذا اليوم.
كما أنه قد اختار أن يجعل الحديث عن إكمال الدين في سياق التأكيد على أحكام سبق بيانها لأنه يريد أن يقول : إن التأكيد على الأحكام إنما هو بهدف حفظ الأحكام ، والإهتمام بإلزام الناس ، والتزامهم بها ..