وهدفنا هنا هو الإلماح إلى حدث حصل في نفس حجة الوداع التي هي حجته الوحيدة وذلك في يوم عرفة ومنى.
لأن التعرف على هذا الحدث الذي سبق قضية الغدير لسوف يمكننا من أن نستوضح جانبا من المغزى العميق الذي يمكن في قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (١). ولكننا قبل ذلك ، لا بد لنا من إثارة بعض النقاط المفيدة في هذا المجال فنقول :
الحدث الخالد :
إن من طبيعة الزمن في حركته نحو المستقبل ، وابتعاده عن قضايا الماضي ، هو أن يؤثر في التقليل من أهمية الأحداث الكبيرة ، التي يمر بها ، وتمر به ، ويساهم في أفولها شيئا فشيئا ، حتى تصبح على حد الشبح البعيد البعيد ، ثم قد ينتهي بها الأمر إلى أن تختفي عن مسرح الذكر والذاكرة ، حتى كأن شيئا لم يكن.
ولا تحتاج كبريات الحوادث في قطعها لشوط كبير في هذا الاتجاه إلى أكثر من بضعة عقود من الزمن ، مشحونة بالتغيرات والمفاجآت.
وحتى لو احتفظت بعض معالمها ـ لسبب أو لآخر ـ بشيء من الوضوح ، ونالت قسطا من الاهتمام ، فلا يرجع ذلك إلى أن لها دورا يذكر في حياة الإنسان وفي حركته ، وإنما قد يرجع إلى أنها أصبحت تاريخا مجيدا ، يبعث الزهو والخيلاء لدى بعض الناس ، الذين يرون في ذلك شيئا يشبه
__________________
(١) الآية ٦٧ من سورة المائدة.