الدين ، بل يهتم بمصالحه الشخصية ، وفيهم الهمج الرعاع الذين يميلون مع كل داع ، وينقادون لكل راع ، وفيهم المدخول والمنافق قال تعالى : (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ) (١).
ومن الواضح : أن الذين تلفظوا بالإسلام آنئذ كانوا منتشرين في المدينة وحولها ، وفي الحبشة أيضا ، وفي غير ذلك من المناطق.
وقد فرض الإسلام وجوده ، وهيبته في تلك السنين التي كانت زاخرة بالتحديات ، وسمع به القاصي والداني ..
وكان المسلمون في المدينة ، فريقين :
أحدهما : الأنصار ، وهم أهل المدينة أنفسهم.
والآخر : القرشيون المهاجرون من مكة ـ بصورة عامة ـ.
ومن البديهي : أن جميع الناس لم يحجوا مع رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، إذ لا يعقل أن يتركوا جميعهم مواشيهم ، وزراعاتهم ، وبيوتهم ، وديارهم خاوية من كل أحد ، فإن ذلك يجعلها عرضة للمتربصين للسلب والغارة في ذلك المجتمع الذي يرى أن ذلك من وسائل عيشه.
المحبون والمناوئون :
كما أن من الواضح : أن الناس كانوا بين محبين عرفوا الحق ، والتزموا به ، وبين مناوئين اختاروا طريق النفاق والتآمر الخفي ، وما أكثر هؤلاء ، أي أن أفاضل الصحابة وأماثلهم من أمثال سلمان ، وعمار ، والمقداد ، وأبي ذر ،
__________________
(١) الآية ١٠١ من سورة التوبة.