نعوذ بالله من شرور أنفسنا :
ثم إن الإنسان قد لا يجد في نفسه دافعا نحو ارتكاب بعض الأمور إلا إذا كان هناك تزيين شيطاني ، ووسوسة ، وسعي لقلب الحقائق ، وجعل القبيح حسنا ، والحسن قبيحا ، ولو بربطه بأمور أخرى تكون ظاهرة الحسن أو القبح ، أو الإيهام بأن هذا مصداق لها ، وفي جملة منطبقاتها ، ولو عن طريق الإدعاء والتخييل.
وهذا ما يعبر عنه بالتزيين الشيطاني الذي يظهر القبح بصورة الحسن ، قال تعالى : (زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ) (١). (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) (٢). (زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) (٣). (وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ) (٤). (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ) (٥) وآيات كثيرة أخرى.
وهناك أمور لا يحتاج الإنسان للاندفاع إليها إلى تزيين شيطاني ، بل تكون هي بنفسها تملك زينة ظاهرة ، تلائم نوازع النفس الأمارة ، فيتلهى الإنسان بزينتها تلك عن التدبر في واقعها السيء ، الذي قد يكون بمثابة السم المهلك.
__________________
(١) الآية ٣٧ من سورة التوبة.
(٢) الآية ١٤ من سورة محمد.
(٣) الآية ٨ من سورة فاطر.
(٤) الآية ٣٧ من سورة غافر.
(٥) الآية ١٣٧ من سورة الأنعام.