فالآية تريد أن تحدد المسؤوليات ، وتسد أبواب التملصات المقيتة ، من قبل من يظهرون الطاعة والإنقياد ، ويبطنون الصدود والعناد ، ويدبرون في الخفاء للإستئثار بالأمر ، وإقصاء صاحبه الشرعي عنه ، ولا شيء يدفعهم إلى ذلك سوى حب الدنيا وزينتها ، وعدم الإعتداد بشيء آخر سواها ..
فعلى الناس أن يحفظوا نعمة الله عليهم ، وأن لا يفرطوا فيما حباهم الله به ، ولا يخضعوا لأهواء أهل الكفر ، ولا يخشوا كيدهم ومؤامراتهم ، وإلا فإنهم سيذوقون وبال أمرهم ، وستكون أعمالهم هي السبب في سلب هذه النعمة منهم وعنهم.
أكملت .. أتممت :
ويلاحظ : أن الآية قد عبرت بالإكمال بالنسبة للدين ، وبالإتمام بالنسبة للنعمة ، وربما يكون الفرق بينهما : أن الإكمال هو تتميم خاص ، فإنه يستعمل حيث يكون للشيء أجزاء لها أغراض وآثار مستقلة ، فكلما حصل جزء ، تحقق معه أثره وغرضه ، فهو من قبيل العموم الأفرادي ، ويمكن أن يمثل له بصيام شهر رمضان ، فإن صيام أي يوم منه يوجب تحقيق أثره ، ويسقط وجوبه ، وتبقى سائر الأيام على حالها ..
أما الإتمام ، فيستعمل فيما يكون له أجزاء لا يتحقق لها أثر حتى تكتمل ، فيكون الأثر لمجموعها ، فلو فقد واحد منها لا نتفى الأثر المترتب على المجموع. فهو نظير ساعات اليوم الذي يصام فيه ، فإنها لا يترتب الأثر على صيامها إلا بعد انضمام أجزائها إلى بعضها ، بحيث لا يتخلف جزء منها ، فإنه