وروي أيضا ذلك عن ابن عباس (١).
وإن كان الموجب ليأس الذين كفروا ، ولإكمال الدين هو نزول أحكام : الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير في آية سورة المائدة ، فهي لا توجب هذا اليأس أيضا ، إذ لا خصوصية لها على ما عداها ..
وقد ذكرنا : أن ذكر هذه الأحكام لم يكن للتأسيس ، بل هي للتأكيد ، لأنها كانت قد نزلت قبل عدة سنوات ، حسبما أو ضحناه ..
وإن كان المبرر هو حضور النبي «صلىاللهعليهوآله» في موسم الحج ، وتشريع بعض أحكامه ، فيرد عليه : أن ذلك لا يوجب يأس الكفار من الدين أيضا .. إذ لا فرق في التشريع بين ما يرتبط بالحج ، وبين غيره ..
وبعد ظهور عدم صحة ذلك كله ، نقول :
العلة المحدثة والمبقية :
إن إكمال الدين إنما هو بإيجاد علته المبقية ، بنصب الحافظ له ، والمبين لحقائقه ، والعالم بمعاني قرآنه ، والعارف بناسخه ومنسوخه ، ومحكمه ومتشابهه ، وبذلك ييأس الذين كفروا من تحريف الدين ، والتلاعب بشريعة رب العالمين ، فإن الإمام هو الذي يصونه من عبث أهل النفاق ، ويحفظ الناس من الوقوع فريسة للشكوك والشبهات ..
فإذا كان الذين كفروا يفكرون في أن بإمكانهم النيل من دين الله بعد وفاة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فإن نصب الولي ، والإمام الحافظ
__________________
(١) راجع : أسباب نزول الآيات ص ٩ وأحكام القرآن للجصاص ج ١ ص ٥٦٣ وعمدة القاري ج ١٨ ص ١٩٥ والبرهان للزركشي ج ١ ص ٢٠٩.