مغزى تأمير أسامة :
وغني عن البيان : أن تأمير أسامة وهو شاب في مقتبل العمر لم يخض حربا ، ولم يتسلم قبل ذلك قيادة على جيش يضم كبار الصحابة ، والزعماء ، والقادة ، والطامحين لأعظم مقام وأسماه ، وهو مقام خلافة النبوة .. سيكون صعبا وثقيلا على قلوب هؤلاء الناس ، ولا سيما قادة طالما تباهوا بأنفسهم ، وافتخروا على غيرهم من أمثال خالد ، وابن العاص ، وغيرهما .. وقد كان هذا الجيش يريد غزو بلاد بعيدة ، ترتبط بأعظم أمبراطورية في ذلك الزمان ، وهي أمبراطورية الروم.
فإن ذلك يدل على : أنه «صلىاللهعليهوآله» يرمي إلى تحقيق أهداف عظيمة ، لا بد أن يعيها المسلمون ، وأن يتأمل بها المتأملون ، وأن يوصلها إلى بر الأمان ، ويحقق لها النصر ، المؤمنون المخلصون.
ويمكن أن نشير إلى جملة من هذه الأهداف فيما يلي :
أولا : قال الشيخ محمد رضا المظفر «رحمهالله» :
إنه «صلىاللهعليهوآله» أراد أن يهيئ المسلمين لقبول قاعدة «الكفاية» في ولاية أمورهم ، من ناحية عملية ، فليست الشهرة ولا تقدم العمر هما الأساس لاستحقاق الإمارة والولاية ، فلذا قال عن أسامة ، مؤكدا جدارته بالقسم ولام التأكيد : «وأيم الله ، إن كان لخليقا للأمارة ـ يعني زيدا ـ وإن ابنه لخليق للأمارة» (١).
ويأتي هذا بمثابة الرد لمقولة عمر ، التي أشرنا إليها حين الكلام حول
__________________
(١) السقيفة للشيخ المظفر «رحمهالله» (ط مكتبة الزهراء ، قم ، إيران) ص ٧٧.