وأما حسن ظن ابن أبي الحديد بعمر ، والحكم بعدم قصد مضمونه ، واعتباره ذلك من الخشونة الغريزية ، فتبقى عهدته على مدّعيه ، وهو رجم بالغيب ، ولا يصح الإحتجاج به على أحد ، ولا ترتيب الأثر عليه.
والخشونة الغريزية ، لا تبرر عصيان النبي «صلىاللهعليهوآله» ، ولا إغضابه ، ولا الجرأة عليه ، ولا سيما بعد أن تبناها قسم من الصحابة ، وقالوا : القول ما قاله عمر. وتنازعوا ، ورفعوا أصواتهم ، ولغطوا إلى آخر ما تقدم .. فهل كان الجميع يعانون من الخشونة الغريزية؟! أم أن الأمر يتعدى ذلك إلى ما هو أسوأ وأخطر؟!
إساءات لمقام النبوة :
ومع غض النظر عن نسبة الهجر والهذيان إلى النبي المعصوم ، فإننا نلاحظ : أن الأمر لم يقتصر على ذلك ، لأنهم قد ارتكبوا العديد من الإساءات الأخرى أيضا ، مثل :
١ ـ مخالفتهم لأمر الرسول «صلىاللهعليهوآله» ، وامتناعهم عن تلبية طلبه ، ومنعهم سائر من حضر من ذلك أيضا ..
٢ ـ إنهم قد رفعوا أصواتهم ، وضجوا ، ولغطوا في محضر رسول الله «صلىاللهعليهوآله» .. وقد امرهم الله بأن لا يرفعوا أصواتهم فوق صوت النبي «صلىاللهعليهوآله» ، وأن يغضوا أصواتهم عنده.
٣ ـ إنهم قد تنازعوا في محضره «صلىاللهعليهوآله» ، ولم يردوا الأمر إلى النبي ، حتى طردهم «صلىاللهعليهوآله» من محضره. وقد نهاهم الله تعالى عن التنازع ، وأمرهم برد ما يتنازعون فيه إلى الله وإلى الرسول.