ومن كلمات بعض العارفين ، قال : « عرفت الله بجمعه بين الأضداد ، كالجمع بين الخفاء والظهور » (١) كما في الدعاء : ( يا مَن خفي من فرط ظهوره ، واستتر بشعاع نوره ).
والجمع بين القرب والبعد كما فيه أيضاً ( يا من بعُد فلا يُرىٰ ، وقرب فشهِد النجوىٰ ) (٢) ، وبين العلو والدنو : ( يا مَن علا في دنوّه ، يا من دنا في علوه ) (٣) ، والجمع بين الدخول في الأشياء والخروج عنها ، كما في قوله عليهالسلام : ( داخل في الأشياء لا بالممازجة ، وخارج عن الأشياء لا بالمزايلة ) وغير ذلك.
( ظَلَمْتُ نَفْسي )
بتركها في اتّباع الشهوات ، ومشايعة وساوس الشيطان ، والخروج عن قيود طاعة الرحمن ، إلىٰ أن فاتها الوصول إلىٰ كمالاتها البالغة ، والعروج إلىٰ مقاماتها الشامخة الفائقة.
ثمّ إنّ للنفس معاني وإطلاقات ، سيأتي ذكرها إن شاء الله تعالىٰ.
( وَتَجَرّأتُ بِجَهْلي )
وعدم علمي بعواقب الاُمور.
اُلام علىٰ لوٍّ وإن كنت عالماً |
|
بأذناب لوٍّ لم تفتني أوائله (٤) |
التجري : من الجرأة ، وهي عبارة عن سرعة الوقوع في الأمر من غير تدبّر ورويّة. والباء للسببية ، أي تجرأت وأسرعت إلىٰ مشتهيات نفسي ، بسبب جهلي وعدم عرفاني بعواقبها ، كما قال الشاعر :
ولقد نهزت مع الغواة بدلوهم |
|
وأسمت سرح اللحظ حيث أساموا |
_____________________________
(١) القائل هو أبو سعيد الخراز علىٰ ما نُقل في « الفتوحات المكية » ج ٤ ، ص ٣٢٥.
(٢) « الإقبال » لابن طاووس ، ج ١ ، ص ١٤٠. |
(٣) « بحار الأنوار » ج ٩٥ ، ص ٣٧٩ ، باختلاف. |
(٤) « خزانة الأدب » ج ٧ ، ص ٣٢٠.