قال صدر المتألهين قدسسره ، في شرح بعض هذه الكلمات : « قوله عليهالسلام ـ في النفس الحيوانية ـ : ( وانبعاثها من القلب ) أي أوّلاً وبالذات ».
قال : « وهذا لا يدفع قول الحكيم وتسميته إياها قوًىٰ دماغية : لأنّ الروح البخاري ينبعث من التجويف الأيسر من القلب أولاً ، ثم يصعد في مسلك بعض الشرايين إلىٰ الدماغ ، فيبرد بالتردّد في تجاويفه ، فيعتدل ويصير مطايا القوىٰ الدماغية ».
ثم قال : « ولعل الفكر والعلم متعلّقة بالعقل النظري المسمىٰ بالقوّة العلّامة للنّاطقة ، فتكون إشارة إلىٰ العقل بالملكة والعقل بالفعل والعقل المستفاد. والحلم والنباهة متعلّقان بالعقل العملي المسمّىٰ بالقوّة العمّالة للناطقة ، فتكون إحداهما الحال ، والاُخرىٰ الملكة في العمل الصالح ، ومناسبة الحلم إنّما هي مع الملكة باعتبار الثبات والاستقامة والطاقة للعامل.
ويمكن أن تكون النباهة إشارة إلىٰ الحدس المغلوب للفكر في الثالثة ، والنزاهة هي الحرية التي يقال في النفس الشريفة : هي التي فيها الحكمة والحرية ».
ثم قال : « وقوله عليهالسلام في الكليّة الإلهيّة : ( بقاء في فناء ) ... إلىٰ آخره ، يمكن أن يكون ( في ) للتعليل ـ ولا يخفىٰ وجهه ـ وأن يكون للظرفية ، من قبيل كون الباطن في الظاهر ، والروح في الجسد. ومن أمثال العرفاء : إذا جاوز الشيء حدّه انعكس ضدّه ».
وقال أيضاً : « وقوله عليهالسلام ( والعقل وسط الكلّ ) تمثيل لكون العقل مركزاً وهي دوائر. لكن اعلم أنّ الأمر في المركز والدائرة المعنويين في الإحاطة علىٰ عكس حال المركز والدائرة الحسّيين ، فذلك العقل الكلّي ـ إن رزقك الله تعالىٰ ـ هو الأصل المحفوظ لهذه » (١) انتهىٰ كلامه الشريف.
_____________________________
(١) « شرح دعاء الصباح » ص ٩٤ ـ ٩٥ ، باختلاف.